منتدى الشهيد العظيم مارجرجس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الشهيد العظيم مارجرجس


 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5
كاتب الموضوعرسالة
يوستين21
عضو ملكى
عضو ملكى
يوستين21


عدد الرسائل : 1043
العمل/الترفيه : مراقب مالى
المزاج : هادى
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى   تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Emptyالأربعاء يوليو 02, 2008 4:53 pm

الأصحاح الخامس والعشرون
انتظار الملكوت
يقدّم لنا السيِّد المسيح، وهو في أورشليم كحملٍ محفوظٍ لتقديمه ذبيحة فصح عنّا، مفاهيم حيّة للملكوت الذي ننتظره، ليس كشيء خارج عنّا إنّما نتقبّله امتدادًا للعربون الذي فينا.
1. العذارى الحكيمات 1-13.
2. مثال الوزنات 14-30.
3. مجيء ابن الإنسان 31-46.
1. العذارى الحكيمات
في منتصف كل ليل يقرأ المؤمن هذا الفصل من الإنجيل في الخدمة الأولى من صلاة نصف الليل، ليتعرّف على سرّ وقوفه للصلاة ألا وهو انتظار العريس، مهتمّا أن يكون كإحدى العذارى الحكيمات اللواتي يدخلن العرس الأبدي. إنه يقول: "ها هوذا الختن (العريس) يأتي في نصف الليل، طوبى للعبد الذي يجده مستيقظًا. أمّا الذي يجده متغافلاً، فإنه غير مستحق المُضيّ معه. فانظري يا نفسي لئلاّ تثقلي نومًا فتُلقي خارج الملكوت، بل اسهري واصرخي قائلة: قدّوس، قدّوس، قدّوس، أنت يا الله من أجل والدة الإله ارحمنا".
ليقف المؤمن في الحضرة الإلهيّة مشتاقًا أن يقدّم حواسه الخمس مقدّسة له، بكونها العذارى الحكيمات اللواتي أخذن زيتًا في آنيتهن مع مصابيح ينتظرن العريس. حقًا إن العذارى الحكيمات يقفن جنبًا إلى جنب مع الجاهلات، كلهُنّ عذارى ومعهُن مصابيحهِّن، كلهُن نعسْنَ ونِمن [5]، لكن الحكيمات يحملن زيتًا تفتقر إليه الجاهلات.
يرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم في هذا الزيت إشارة إلى الأعمال الصالحة والمقدّسة التي تميّز الإيمان الحيّ من الميّت. فالمؤمن يقدّم بالروح القدس حواسه مقدّسة للعريس بالإيمان العامل بالمحبّة (غل 5: 6). يتقدّم للعريس حاملاً سماته عمليًا في كل أحاسيسه ومشاعره وتصرُّفاته. فإن أخذنا اللسان كمثال يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [عندما يكون لسانك كلِسان المسيح، ويصير فمك فم الآب وتكون هيكلاً للروح القدس، عندئذ أيّة كرامة تكون هذه؟! فإنه وإن كان فمك مصنوعًا من الذهب ومن الحجارة الكريمة فإنه لن يضيء هكذا كما بحُليّ الوداعة. أيّ شيء أكثر حبًا من الفم الذي لا يعرف أن يشتم، بل هو معتاد أن يبارِك وينطق بالكلمات الصالحة.]
أما الجاهلات فحملْنَ مصابيحهِّن لكنّهُن لم يستطعن أن يقتنين الزيت المقدّس أي الأعمال الصالحة بالرب، إنّما حملْنَ إيمانا ميّتًا وعبادات شكليّة، وإن ينتهي النهار حيث يمكن للإنسان أن يعمل يأتي الليل حيث لا مجال للعمل، ولا يمكن لأحد أن يستعير زيتًا من آخر فلا يقدرن أن يلتقين بالعريس، إذ يقول السيِّد: "وفيما هنَّ ذاهبات ليبتعْنَ جاء العريس والمستعدَّات دخلْن معه إلى العرس، وأُغلق الباب" [10].إنهُن لا يلتقين بالعريس كالحكيمات، بل يبقين في الخارج حيث الباب المُغلق. حقًا سيظهر ابن الإنسان على السحاب ويتحدّث مع الأشرار ليدينهم لكنهم لا ينعمون بمجده ولا يُدركون أسراره، إنّما يرونه كابن الإنسان المُرهِب، ينظرون عينيه تتّقِدان نارًا. بمعنى آخر يمكننا القول بأن المجد الذي ينعم به القدّيسون يصير بالنسبة للأشرار موضوع خوف ورِعدة، فلا يرون في السيِّد أمجادًا بل رعبًا!
أما الحكيمات فإذ قلوبهِّن، أي عيونِهِّن الداخليّة، نقيّة يعاينَّ الله ويتمتّعنَ ببهائه كقول السيِّد: "طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت 5: 8).
ما يحدث مع العذارى ليس بالأمر الجديد، إنّما هو اِمتداد لما مارسوه على الأرض، فإن الحكيمات يتمتّعن بالحياة الداخليّة الجديدة كحياة شركة واتّحاد مع العريس مارسوه على الأرض. أمّا الجاهلات فلا خبرة لهُن بالعريس، وإنما يعشن حتى على الأرض خارج الأبواب، حتى وإن كان لهُن مظهر الحياة التعبّديّة بل والكرازيَّة. الذي اختار هنا أن يدخل مع المسيح ليحيا للملكوت فمن حقّه أن يعاينه في الأبديّة وجهًا لوجهٍ، والذي قبِل لنفسه أن يبقى هنا خارجًا فلن يقدر أن يُعاين السيِّد كعريس ولا يدخل معه عرسه الأبدي، بكونه بعيدًا عن الملكوت!
ليس عجيبًا أن يقول السيِّد "إني ما أعرفكن"، لأنهُنَّ لم يدخلْنَ معه في شركة حقيقيّة ولا عاين مجده في داخلهِنَّ!
يُعلّق القدّيس أغسطينوس على مثل العذارى الحكيمات والعذارى الجاهلات، قائلاً:
[من هنَّ العشر عذارى اللاتي منهُنَّ خمس حكيمات وخمس جاهلات؟... هذا المثل أو هذا التشبيه لست أظن أنه ينطبق على أولئك النساء اللواتي يُدَّعينَ "عذارى" في الكنيسة من أجل قداستهِنَّ العظيمة، وإنما اعتقد أنه ينطبق على الكنيسة كلها... إنه لا ينطبق على الكهنة وحدهم الذين تحدّثنا عنهم بالأمس ولا على الشعب وحده وإنما على الكنيسة بأجمعها.
لماذا كان عدد كل منهُنَّ خمس؟... كل روح في جسد تعُرف برقم خمسة، إذ تستخدم الحواس الخمس، فالجسد لا يدرك شيئًا إلا عن طريق المدخل ذي الخمسة أبواب: النظر والسمع والشم واللمس والتذوّق. فمن يضبط نفسه في النظر والسمع والتذوّق واللمس والشم بعيدًا عمَّا هو غير طاهر يحمل لقب "عذراء".
إن كان من الصالح أن يحفظ الإنسان حواسه عن المثيرات الدنسة، وبذا يصير لكل نفس مسيحيّة لقب "عذراء"، فماذا إذن خمس منهُنَّ مقبولات وخمس مرفوضات؟
إنه لا يكفي أن يكُنّ عذارى وأن يحملن مصابيح، فهنّ عذارى لحفظهن من ملذّات الحواس الدنسة، ولهن مصابيح لأجل أعمالهن الصالحة التي يقول عنها الرب "فليُضيء نوركم قدَّام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجِّدوا أباكم الذي في السماوات" (مت 5: 16). مرّة أخرى يقول لتلاميذه: "لتكن أحقَّاؤكم ممنْطَقة وسُرُجِكم موقَدة" (لو 12: 35)، فبالأحقَّاء يعني البتولية والسُرُج الموقَدة يعني الأعمال الصالحة.
إن لقب "البتولية" عادة لا ينطبق على المتزوّجين، لكنّه هنا يعني بتولية الإيمان التي تمثِّل الطهارة المكلَّلة. لذلك لتعلموا يا اخوتي المقدَّسين أن كل إنسان وكل نفس لها الإيمان عديم الفساد الذي به تُمسِك عن الأشياء غير الطاهرة وبه تَصنع الأعمال الصالحة لا تُحسب خِلسَة أن تدعى عذراء، فكل الكنيسة التي يدخل في عضويَّتها عذارى وصبيان ومتزوِّجين ومتزوِّجات يطلق عليها لقب "عذراء"، كيف هذا؟ لتسمع قول الرسول عن الكنيسة عامة وليس عن النساء المتبتّلات وحدهُنَّ: "خطبتُكم لرجل واحد لأقدِّم عذراء عفيفة للمسيح" (2 كو 11: 2). ولأنه يجب الاحتراس من الشيطان مفسد الطهارة أردف الرسول قائلاً: "ولكنّني أخاف أنه كما خدعت الحيّة حواء بمكرها تُفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح" (2 كو 11: 3). قليلون اقتنوا بتولية الجسد لكن يليق بالكل أن يقتنوا بتولية الروح. فإن كان التحفظ من الفساد أمرًا صالحًا لذلك تقبل النفس لقب البتولية، وإن كانت الأعمال الصالحة تستحق المديح وقد شُبِّهت بالمصابيح، فلماذا خمس منهُنَّ مقبولات وخمس مرفوضات؟... وكيف نميِّز بين الاثنين؟
يميّز بينهُنَّ بالزيت؛ هذا الزيت هو شيء عظيم وعظيم جدًا، ألا وهو المحبّة... يقول الرسول: "وأيضًا أُريكم طريقًا أفضل: إن كنت أتكلّم بألسِنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبّة فقد صرتُ نحاسًا يَطِن أو صنجًا يَرِن" (1 كو 12: 31؛ 13: 1). هذه هي المحبّة، الطريق الأفضل، والتي شُبِّهت بالزيت، إذ يطفو على جميع السوائل. إن صبَبْت عليه ماءً يطفو الزيت....لأن "المحبّة لا تسقط أبدًا" (1 كو 13: 8).]
لقد حملت العذارى الحكيمات زيتًا هو المحبّة، لذلك حتى إن نِمنَ مع الجاهلات أي رقدْنَ في القبر (1تس4: 13) وإن أبطأ العريس في قدومه حيث تمر آلاف السنين من آدم إلى مجيئه، لكنّه في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير (1كو15: 52) إذ تسمع الحكيمات صوته يجدن الزيت معهُنَّ فيشعلن مصابيحهن، أمّا الجاهلات فيطلبن زيتًا ولا يجِدُن!
يرى القدّيس أغسطينوس: [أن هؤلاء الجاهلات يمثِّلْن النُسّاك الذين بسبب نسكهم صاروا عذارى، لكنهم كانوا يُرضون الناس لا الله؛ يحملون المصابيح ليمدحهم البشر، وليس لهم في داخلهم الزيت الذي يراه الله في القلب.]
بنفس الروح يحذّرنا القدّيس جيروم بقوله: [ربّما تُفقَد البتولية بمجرد فِكر. فالبتوليّون الأشرار هم البتوليّون بالجسد دون الروح، هؤلاء أغبياء ليس لهم زيت، لذا يطردهم العريس.]
2. مثَل الوزنات
أ. في هذا المثل يقدّم السيِّد لعبيده أموالاً، يعطي لواحد خمس وزنات، ولآخر وزنتين، ولثالث وزنة، كل واحدٍ قدر طاقته [14-15]. إنه لا يبخل على أحدٍ بعطاياه، ولا يُحابي أحدًا على حساب آخر، لكنّه يعرف كيف يوزِّع لكل قدر طاقته. فما قدّمه الله لنا من مواهب لم يقدّمها اعتباطًا، وإنما يعرف ما يناسب كل عضو لخلاصه. هذا يدفعنا ألا نتكبَّر على أصحاب المواهب الأقل ولا نحسِد أصحاب المواهب الأكثر، إنّما نشكر واهب المواهب... يكفي أنها من يديه. يقول الرسول: "أنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد، وأنواع خِدَم موجودة ولكن الرب واحد، وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد" (1 كو 12: 4-6).
في حديث للقدّيس أغسطينوس مع شعبه يؤكّد لهم أن للكل وزنات قُدّمت لهم من قِبَل الله، إذ يقول لهم: [لا تظنّوا أن هذا العمل الخاص باستخدام الوزنات لا يخصّكم أنتم أيضًا. حقًا لا تستطيعون العمل من هذا الكرسي (الأسقفي) لكنكم تستطيعون ممارسته قدر ما تتاح لكم الفرصة. أينما هُوجم المسيح دافعوا عنه، أجيبوا على المتذمِّرين، انتهروا المجدِّفين وابتعدوا عن مصادقتهم... قوموا بأعباء وظيفتكم في منازلكم. فالأسقف يُدعى هكذا لأنه يَسُوس الآخرين، ويهتمّ بهم وينصت إليهم. إذن فكل إنسان مادام هو رأس منزله فليعمل عمل الأسقف مهتمّا بإيمان بيته حتى لا يسقط أحدهم في هرطقة: لا زوجة ولا ابن ولا ابنة ولا عبد له، لأنهم قد اُشتروا بثمن هذا مقداره... لا تُهمل أصغر هؤلاء الذين ينتمون إليك بل اِهتم بخلاص كل أهل بيتك بكل سهر؛ فإن فعلتم هذا تكونون قد استخدمتم الوزنة ولا تُحسَبون عبيدًا كسالى ولا تخافون العقاب المرعب.]
ب. لا ينتظر الله الربح في ذاته، ولا يهتم بكميَّته، إنّما يهتم بأمانة عبيده أو إهمالهم. فما اقتناه العبدان أصحاب الخمس وزنات والوزنتين هو "الأمانة في الوكالة"، فتأهّلا أن يُقاما على الكثير، أمّا أصحاب الوزنة الواحدة فمشكلته إهماله، إذ أخفي الوزنة وعاش عاطلاً.
ج. الربح يجلب ربحًا، والخسارة تجلب خسارة، والخطيّة تلد خطيّة، فصاحب الخمس وزنات إذ ربح خمس وزنات أقيم على الكثير بدخوله إلى فرح سيّده، أمّا صاحب الوزنة فإنه إذ أهمل وعاش عاطلاً ليس فقط لم يربح وزنة أخرى، وإنما خسر الوزنة التي لديه، وسقط في خطيّة أخرى وهي اتّهام سيّده بالقسوة والظلم، إذ يقول له: "يا سيّد، عرفت أنك إنسان قاسِ تحصد حيث لم تزرع، وتجمع من حيث لم تبذر، فخفت ومضيت وأخفيت وزنتك في الأرض" [24-25]. حياة الكسل والبّطالة دفعته لاتّهام سيّده بالقسوة، وهذا بالتالي دفعه للخوف... كل خطيّة تسلّمه إلى خطيّة وكما يقول الأب يوحنا من كرونستادت: [كل خطيّة تبدو بسيطة وغير هامة تقود إلى خطايا أخطر، لذا يجب مقاومتها في بدايتها وسحقها.]
ولعلّ أهم الخطايا التي تبدو هيّنة لكنها محطِّمة هي التهاون أو الكسل، وكما يقول القدّيس كيرلّس الكبير: [إذ يعرف بولس أن الكسل هو باب الهلاك يقول: "ويل لي إن كنت لا أبشر" (1 كو 9: 16).]
د. حينما بدأ السيِّد بإدانة عبيده أو محاسبتهم بدأ بأصحاب الخمس وزنات فالوزنتين ثم الوزنة. كلما كثرت المواهب كلما كانت دينونتنا تسبق الآخرين ونُطالَب بأكثر.
هـ. المكافأة هي "اُدخل إلى فرح سيّدك" [21]،هي دخول إلى العرس الأبدي ليبقى في الداخل، أمّا الجزاء فهو "اِطرحوه إلى الظلمة الخارجيّة" [30]،أي عدم التمتّع برؤية الله النور الحقيقي، وإنما البقاء خارجًا في الظلمة. الذين يدخلون يوجَدون في الداخل حيث لا يمكن إخراجهم خارجًا، وعلى العكس الذين هم في الخارج لا يقدرون على التمتّع بالداخل.
يتحدّث القدّيس أغسطينوس على هذا الفرح الداخلي أثناء تعليقه على عبارة السيِّد: "كل ما يعطيني الأب فإليّ يقبل، ومن يقبل إليّ لا أخرجه خارجًا" (يو 6: 37). [أيّ نوع من الداخل هذا الذي لا يخرجون منه خارجًا؟ إنه حياة داخليّة ممتازة، مأوى حلو! يا له من مسكن خفي بلا قلاقل بغير مرارة الأفكار الشرّيرة، وبدون إغراءات الشهوات وفساد الأحزان! أليس هذا هو الموضع السرّي الذي يدخله العبد المستحق، الذي يقول له الرب: "اُدخل إلى فرح سيّدك".]
يتحدّث الأب يوحنا من كرونستادت عن هذا الفرح الأبدي السماوي كاِمتداد طبيعي لحياتنا الروحيّة السماويّة التي نعيشها هنا على الأرض، إذ يقول: [خدمتنا الأرضيّة المتنوّعة لمَلِكنا ووطننا هي صورة لخدمتنا الرئيسيَّة لمَلِكنا السماوي، هذه التي يجب أن تستمر أبديًا، هذا الذي يلزمنا أن نخدمه بحقٍ قبل الكل... الخدمة الأرضيّة هي محك وخدمة بدائية للخدمة السماويّة.]
المفهوم الرمزي للمثَل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوستين21
عضو ملكى
عضو ملكى
يوستين21


عدد الرسائل : 1043
العمل/الترفيه : مراقب مالى
المزاج : هادى
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى   تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Emptyالأربعاء يوليو 02, 2008 4:54 pm

المفهوم الرمزي للمثَل
يرمز صاحب الوزنات الخمس للمؤمن الذي يقدّم حواسه الخمس مقدّسة لعريسه السماوي، معلنًا عمل روح الله القدّوس في جسده كما في نفسه ليكون بكلّيته للرب السماوي. بمعنى آخر، يُشير إلى الإنسان الذي يضرم فيه مواهبه لله خلال أبواب حواسه الخمسة.
أما صاحب الوزنتين فيرمز إلى المؤمن الذي امتلأ قلبه بمحبّة أخيه في الرب، إذ يصير الاثنان واحدًا في الرب. ولهذا السبب نجد السامري الصالح يقدّم دِرهمين لصاحب الفندق علامة محبّته للجريح، والأرملة التي امتدحها السيِّد قدّمت فِلسين علامة حبّها لله ولاخوتها المحتاجين. وفي قبر السيِّد المسيح وُجد ملاكان، واحد عند الرأس والآخر عند القدمين إشارة إلى الحب الذي ربط السمائيّين مع الأرضيين فصار الكل جسدًا واحدًا في الرب المصلوب. وقد أعلن السيِّد ذاته لتلميذيّ عِمواس، مظهرًا أنه يكشف عن أسراره للقلوب المحبّة.
إذن فصاحب الوزنات الخمس وصاحب الوزنتين نالا المكافأة الأبديّة بسبب حبِّهما لله والناس، أمّا صاحب الوزنة الواحدة التي دفنها في التراب فيُشير إلى الإنسان الأناني الذي يعمل لحساب ذاته وحده، فلا يرتبط بحب مع الله والناس، وإنما يتَقوْقع حول ذاته في أنانيّة قادرة أن تدفنه في التراب، وتجعل منه إنسانًا أرضيًا لا يقدر أن يرتفع نحو السماء حيث الحب! مثل هذا الإنسان الذي يحيا في التراب ليُشبع ذاته، يفسد نفسه ويخنقها إذ يدفنها في شهوات الجسد الترابي، فلا ينتفع روحيًا وحتى جسده يهلك، فيفقد السماء والأرض معًا.
3. مجيء ابن الإنسان
بعد أن تحدّث عن انتظار العذارى لعريسهِنَّ وترقَّب العبيد الحكماء لمجيء سيّدهم ليدخل بهم إلى الفرح، كشف بأكثر وضوح هذا المجيء الأخروي.
أولاً: "متى جاء ابن الإنسان في مجده" [31]،ويؤكّد السيِّد "لأن الآب لا يدين أحدًا، بل قد أَعطى كل الدينونة للابن" (يو 5: 22). ويُعلّق القدّيس أغسطينوس على ذلك معلنًا أن الابن المتجسّد هو الذي يدين، حتى لا يرى الأشرار أمجاد اللاهوت، إنّما تقف نظرتهم عند حدود الجسد الذي يظهر مُرهبًا لهم. يظهر بشكل عبد للعبيد، ويحفظ شكل الله للأبناء.
ثانيًا: يهب الملكوت للذين قدّموا حبًا للصغار كما للسيِّد المسيح نفسه. وكما يقول القدّيس جيروم: [كل مرّة تبسط يدك بالعطاء أذكر المسيح.] ويقول: [الهيكل الحقيقي للمسيح هو نفس المؤمن فلنزيِّنه ونقدّم له ثيابًا،لنقدِّم له هبات، ولنرحِّب بالمسيح الذي فيه! ما نفع الحوائط المرصَّعة بالجواهر إن كان المسيح في الفقير في خطر الهلاك بسبب الجوع؟]
يقول القدّيس كبريانوس: [ماذا يمكن أن يُعلَن المسيح أكثر من هذا؟ كيف يمكنه أن يحُثُّنا على أعمال البرّ والرحمة أكثر من قوله أن ما نعطيه للفقراء والمحتاجين إنّما نقدّمه له هو نفسه، وقوله أنه يحزن من أجل المحتاجين والفقراء إن لم يأخذوا منّا. فمن كان في الكنيسة ولا يعطي أخاه ربّما يتأثّر مفكرًا في المسيح. من لا يفكّر في رفيقه العبد المتألّم الفقير ربّما يفكّر في إلهه الساكن في هذا الرجل الذي يحتقره.] كما يقول القدّيس أمبروسيوس: [أيّة كنوز ليسوع أفضل من هؤلاء المساكين الذين يجب أن يُرى يسوع فيهم؟] كما يقول: [اخدموا الفقراء تخدمون المسيح.]
لا يقف العطاء عند الجانب المادي، إنّما يلزمنا أن نسكب الحب كطيب ندهن به قدميّ المخلّص نفسه خلال هؤلاء الأصاغر، أي النفوس المحطَّمة والمحتاجة. وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [مات المسيح مرّة ودُفن مرّة واحدة، ومع هذا يودّ أن يُسكب الطيب على قدميه كل يوم. من هم الذي يُحسَبون قدمين للمسيح فنسكب عليهم الطيب إلا الذين قال عنهم: "بما أنكم فعلتم بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم" [40]. هاتان هما القدمان اللتان أنعشَتْهما المرأة المذكورة في الإنجيل وغسلَتْهما بدموعها.]
ثالثًا: يقدّم السيِّد ملكوته السماوي لمن هم أنفسهم قد صاروا ملكوته أثناء غربتهم، إذ سبقوا فحملوه فيهم كملكوت يُشرق عليهم بمجده. يقول القدّيس أغسطينوس معلِّقًا على قول السيِّد: "تعالوا يا مباركي أبي رثو الملكوت المُعد لكم منذ تأسيس العالم" (مت 25: 34). [بمعنى أنتم الذين كنتم الملكوت لكن بغير سلطان لتحكموا، تعالوا لكي تملكوا! أنتم الذين كنتم قبلاً في الرجاء وحده، أمّا الآن فتنالون السلطان كحقيقة واقعة! إذن فإن بيت الله هذا، هيكله، ملكوت السماوات، لا يزال في دور البناء والتنفيذ والإعداد للاجتماع. فيه سيكون مواضع يعدّها الرب الآن، كما فيه أُعدّت بالفعل مواضع كما أوصانا الرب.]
رابعًا: يقدّم السيِّد المسيح الملكوت لمؤمنيه بكونه: "المُعد لهم منذ تأسيس العالم" [34]،وعندما يُطرد الأشرار يقول عن النار الأبديّة "المُعدَّة لإبليس وملائكته" [41]، فهو لم يُعِد الإنسان للنار الخارجيّة وإنما للملكوت الأبدي. وقد اختار الأشرار لأنفسهم بأنفسهم أن يُلقوا فيما أُعدّ لغيرهم أي "إبليس وجنوده".
أخيرًا فإن الملكوت الذي ننظره هو التمتّع بالسيِّد المسيح نفسه الذي هو سرّ فرحنا الأبدي، يملك فينا، ونقطن فيه إلى الأبد. وكما يقول القدّيس كبريانوس: [المسيح نفسه أيها الإخوة الأحيًاء هو ملكوت الله الذي نشتاق إليه من يوم إلى يوم لكي يأتي. مجيئه هو شهوةٌ لنا نودّ أن يُعلن لنا سريعًا. مادام هو نفسه قيامتنا ففيه نقوم، لنفهم ملكوت الله أنه هو بنفسه إذ فيه نملك.]
1 حينئذ يشبه ملكوت السماوات عشر عذارى اخذن مصابيحهن و خرجن للقاء العريس
2 و كان خمس منهن حكيمات و خمس جاهلات
3 اما الجاهلات فاخذن مصابيحهن و لم ياخذن معهن زيتا
4 و اما الحكيمات فاخذن زيتا في انيتهن مع مصابيحهن
5 و فيما ابطا العريس نعسن جميعهن و نمن
6 ففي نصف الليل صار صراخ هوذا العريس مقبل فاخرجن للقائه
7 فقامت جميع اولئك العذارى و اصلحن مصابيحهن
8 فقالت الجاهلات للحكيمات اعطيننا من زيتكن فان مصابيحنا تنطفئ
9 فاجابت الحكيمات قائلات لعله لا يكفي لنا و لكن بل اذهبن الى الباعة و ابتعن لكن
10 و فيما هن ذاهبات ليبتعن جاء العريس و المستعدات دخلن معه الى العرس و اغلق الباب
11 اخيرا جاءت بقية العذارى ايضا قائلات يا سيد يا سيد افتح لنا
12 فاجاب و قال الحق اقول لكن اني ما اعرفكن
13 فاسهروا اذا لانكم لا تعرفون اليوم و لا الساعة التي ياتي فيها ابن الانسان
14 و كانما انسان مسافر دعا عبيده و سلمهم امواله
15 فاعطى واحدا خمس وزنات و اخر وزنتين و اخر وزنة كل واحد على قدر طاقته و سافر للوقت
16 فمضى الذي اخذ الخمس وزنات و تاجر بها فربح خمس وزنات اخر
17 و هكذا الذي اخذ الوزنتين ربح ايضا وزنتين اخريين
18 و اما الذي اخذ الوزنة فمضى و حفر في الارض و اخفى فضة سيده
19 و بعد زمان طويل اتى سيد اولئك العبيد و حاسبهم
20 فجاء الذي اخذ الخمس وزنات و قدم خمس وزنات اخر قائلا يا سيد خمس وزنات سلمتني هوذا خمس وزنات اخر ربحتها فوقها
21 فقال له سيده نعما ايها العبد الصالح و الامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك
22 ثم جاء الذي اخذ الوزنتين و قال يا سيد وزنتين سلمتني هوذا وزنتان اخريان ربحتهما فوقهما
23 قال له سيده نعما ايها العبد الصالح و الامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك
24 ثم جاء ايضا الذي اخذ الوزنة الواحدة و قال يا سيد عرفت انك انسان قاس تحصد حيث لم تزرع و تجمع من حيث لم تبذر
25 فخفت و مضيت و اخفيت وزنتك في الارض هوذا الذي لك
26 فاجاب سيده و قال له ايها العبد الشرير و الكسلان عرفت اني احصد حيث لم ازرع و اجمع من حيث لم ابذر
27 فكان ينبغي ان تضع فضتي عند الصيارفة فعند مجيئي كنت اخذ الذي لي مع ربا
28 فخذوا منه الوزنة و اعطوها للذي له العشر وزنات
29 لان كل من له يعطى فيزداد و من ليس له فالذي عنده يؤخذ منه
30 و العبد البطال اطرحوه الى الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء و صرير الاسنان
31 و متى جاء ابن الانسان في مجده و جميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده
32 و يجتمع امامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء
33 فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار
34 ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العالم
35 لاني جعت فاطعمتموني عطشت فسقيتموني كنت غريبا فاويتموني
36 عريانا فكسوتموني مريضا فزرتموني محبوسا فاتيتم الي
37 فيجيبه الابرار حينئذ قائلين يا رب متى رايناك جائعا فاطعمناك او عطشانا فسقيناك
38 و متى رايناك غريبا فاويناك او عريانا فكسوناك
39 و متى رايناك مريضا او محبوسا فاتينا اليك
40 فيجيب الملك و يقول لهم الحق اقول لكم بما انكم فعلتموه باحد اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم
41 ثم يقول ايضا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين الى النار الابدية المعدة لابليس و ملائكته
42 لاني جعت فلم تطعموني عطشت فلم تسقوني
43 كنت غريبا فلم تاووني عريانا فلم تكسوني مريضا و محبوسا فلم تزوروني
44 حينئذ يجيبونه هم ايضا قائلين يا رب متى رايناك جائعا او عطشانا او غريبا او عريانا او مريضا او محبوسا و لم نخدمك
45 فيجيبهم قائلا الحق اقول لكم بما انكم لم تفعلوه باحد هؤلاء الاصاغر فبي لم تفعلوا
46 فيمضي هؤلاء الى عذاب ابدي و الابرار الى حياة ابدية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوستين21
عضو ملكى
عضو ملكى
يوستين21


عدد الرسائل : 1043
العمل/الترفيه : مراقب مالى
المزاج : هادى
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى   تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Emptyالأربعاء يوليو 02, 2008 4:55 pm

الأصحاح السادس والعشرون
فِصح الملكوت الجديد
دخل السيِّد أورشليم ليُحفظ كخروف الفِصح، مقدّمًا ذاته الذبيحة الفريدة عن البشريّة كلها، وحياته فدية عن الجميع.
1. الفِصح والصليب 1-2.
2. التشاور ضدّه 3-5.
3. سكب الطيب لتكفينه 6-13.
4. خِيانة يهوذا 14-16.
5. تقديم الفِصح 17-25.
6. العشاء الأخير 26-30.
7. تحذيرهم من الشك 31-35.
8. في جثّسيماني 36-46.
9. القبض على السيِّد 47-56.
10. المحاكمة الدينيّة 57-68.
11. إنكار بطرس 69-75.
1. الفِصح والصليب
"لما أكمل يسوع هذه الأقوال كلها قال لتلاميذه:
تعلمون أنه بعد يومين يكون الفِصح،
وابن الإنسان يسلّم ليصلب" [1-2].
في حديث السيِّد المسيح مع تلاميذه يربط الفِصح بالصليب بكونه الفِصح الفريد الذي قدّمه السيِّد بنفسه، ليعبُر بالبشريّة المؤمنة من العبوديّة القاتلة إلى الراحة الحقيقيّة، ويرفعهم من الاهتمام بالحياة الأرضيّة ليدخل بهم إلى حضن أبيه. وقد سبق لنا دراسة هذه العلاقة أثناء دراستنا الاصحاح الثاني عشر من سفر الخروج.
v يتحقّق سرّ الفِصح في جسد الرب... فقد أُقتيد كحَمل، وذُبح كشاه، مخلِّصًا إيّانا من عبوديّة العالم (مصر)، ومحرِّرنا من عبوديّة الشيطان كما من فرعون، خاتمًا نفوسنا بروحه، وأعضائنا الجسديّة بدمه... إنه ذاك الواحد الذي خلَّصنا من العبوديّة إلى الحرّية، ومن الظلمة إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، ومن الظلم إلى الملكوت الأبدي.
الأب ميليتو أسقف ساردس
v إننا نعبُر من محبَّة الجسد إلى العفَّة، ومن جهلنا القديم إلى معرفة الله الحقيقيَّة، ومن الشرِّ إلى الفضيلة على رجاء الدخول إلى أمجاد البرّ عِوض عار الخطيّة، ونعبر من الموت إلى عدم الفساد.
القدّيس كيرلّس الكبير
2. التشاور ضدّه
"حينئذ اجتمع رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب
إلى دار رئيس الكهنة الذي يُدعى قيافا،
وتشاوروا لكي يمسِكوا يسوع بمكر ويقتلوه،
ولكنهم قالوا ليس في العيد لئلا يكون شغَب في الشعب" [3-5].
تهتم الكنيسة بهذا التصرّف، فكرَّست يوم الأربعاء على مدار السنة فيما عدا أيام الخماسين، لكي يصوم المؤمنون تذكارًا لهذا التشاور. لقد اجتمعت السلطات الدينيّة معًا ليدبِّروا قتله عِوض أن يشهدوا للحق ويكرزوا به. كان يليق برئيس الكهنة الذي يشفع في الشعب أن يفرح بمجيء رئيس الكهنة الأعظم القادر وحده أن يدخل بالجميع إلى حضن أبيه السماوي، ويليق بالكتبة أن يتهلّلوا، لأن ما كانوا يحفظونه على الرقوق - أي كلمة الله المكتوبة - قد تحقّق بمجيء الله المتجسّد ليحل وسط الشعب، يلتقون به ويتحدّون معه، وكان يلزم لشيوخ الشعب وهم يرون الشعب قد اِلتف حول الملك المسيّا أن يتهلّلوا. كنّا نتوقع أن يجتمع هؤلاء جميعًا في دار رئيس الكهنة يُعلنون فرحهم بالمسيّا الملك الذي يُحقّق ما عجزوا عنه هم وأسلافهم، لكن شكليّة العبادة وحرفيّة الناموس وطلب الكرامات الزمنيّة والجري وراء الكراسي، هذه كلها قد أغلقت قلوبهم عن الحق، فسعوا وراءه ليقتلوه. حقًا لقد اِجتمعوا معًا في دار رئيس الكهنة يضمُّهم معًا فهمِهم الحرفي القاتل والتصميم على تدبير مؤامرة لقتل "الحياة" عينَه، ولم يدروا أن ما يفعلونه إنّما يقتل حَرْفهم القاتل، لقد ظنّوا أنهم قادرون على قتل الحياة بالصليب، ولكن كان هذا الصليب وحده القادر أن يصلِب حَرْفهم القاتل واهبًا إيّاهم الروح الذي يبني. لقد حسبوا أنهم قادرون أن يكتموا أنفاس النور بظلمتهم، ولم يدركوا أن النور يبدّد ظلمتهم ليستنيروا هم بنوره.
لقد خافوا من الشعب المجتمع للاحتفال بعيد الفِصح السنوي، ولم يُدركوا أنهم بهذا التشاور ساهموا في تحقيق الفِصح الجديد الفريد، القادر أن يعبّر بهم من الحرف القاتل إلى الروح المحيي.
v وقف حشد اليهود مع رئيسهم ضدّ مجد المسيح، وناضلوا ضدّ رب الجميع، لكنهم لم يُدركوا أنهم إنّما فعلوا ذلك ضدّ أنفسهم، ناصبين لأنفسهم الشباك. لقد حفروا لأنفسهم حُفرًا لهلاكهم، وكما يقول المرتّل: "تورَّطت الأمم في الحُفرة التي عملوها، في الشبكة التي أخفوها اِنتشبت أرجلهم" (مز 9: 15)، لأن المخلّص رب الكل وإن كانت يمينه كليّة القُدرة وقوّته تطرد الفساد والموت، لكنّه خضع بإرادته، إذ صار جسدًا ليذوق الموت من أجل حياة الكل، لكي يُبطل الفساد، وينزع الخطيّة عن العالم، ويخلّص الذين هم تحت يد العدوّ الطاغية غير المحتمل.
القدّيس كيرلّس الكبير
3. سكب الطيب لتكفينه
كانت الأحداث تتكاتف معًا لتحقيق الفِصح بالصليب، الأمر الذي من أجله تجسّد ابن الله. ففي بيت عينا في بيت سمعان الأبرص تقدّمت امرأة لتسكب قارورة طيب كثير الثمن وهو متكئ - كنبوّة عن تكفينه - وكأن ما فعلته هذه المرأة يمثّل عمل محبّة تقدّمه الكنيسة كلها لهذا الجسد الطاهر، الذي قبل الموت بإرادته من أجل خلاصها، كسِرّ الفِصح الحقيقي.
كثيرات اِلتقيْن بالسيِّد المسيح ممثِّلات الكنيسة المتَّحدة بعريسها، أمّا هذه فتبدو لي أنها فاقت جميعهن بعد القدّيسة مريم والدة الإله التي حملت ربّنا في أحشائها لتُمثل الكنيسة وقد صارت ملكوته، تحمل في داخلها سرّ حياتها وبهجتها.
التقت الكنيسة التي لم يروها من قبل بعريسها، خلال المرأة السامريّة (يو 4) التي تزوَّجت بخمسة رجال والذي كان معها ليس برجلها، فجاء الرجل الحق يدخل بها إلى البئر الحقيقي ليُرويها فتفيض على كل العالم بسرّ شبعها.
وفي وسط زحام البشريّة التقت كنيسة العهد الجديد سرّيًا مع طبيبها الحقيقي تلمس ثيابه، فيتوقّف نزف دمها (مت 9) ويزول عنها دنسها، خلال القوّة التي انطلقت إلى أعماقها الداخليّة!
وتقدّمت الكنيسة التي كانت قبلاً قد سقطت تحت حكم الموت كامرأة زانية أُمسِكت في ذات الفعل (يو 8: 2-11) فاغتصبت مراحمه الغافرة.
وانطلقت الكنيسة كأرملة فقيرة تدخل هيكل الرب لا تعرف ما تقدّمه سوى فِلْسين، هما كل ما تملكه كتقدِمة حب مقبولة!
والتقت الكنيسة كأم ابني زبدي تقدِّم أبناءها للعريس، لكي ينعموا بملكوته الأبدي خلال شركتهم معه في كأسه واِصطباغِهم بصِبغتِه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوستين21
عضو ملكى
عضو ملكى
يوستين21


عدد الرسائل : 1043
العمل/الترفيه : مراقب مالى
المزاج : هادى
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى   تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Emptyالأربعاء يوليو 02, 2008 4:56 pm

والتقت الكنيسة كأم ابني زبدي تقدِّم أبناءها للعريس، لكي ينعموا بملكوته الأبدي خلال شركتهم معه في كأسه واِصطباغِهم بصِبغتِه.
وفي شخص مرثا تقدّمت الكنيسة تخدم عريسها (لو 10) في شخص اخوته الأصاغر، كتقدّمة محبّة فائقة.
وفي بيت سمعان الفرّيسي اقتحمت المرأة الخاطئة المجلس (لو 7) لتقف عند قدميّ السيِّد من ورائه باكية، وكانت تَبِل قدميه بالدموع وتمسحهما بشعر رأسها، تُقبِّل قدميه وتدهنهما بالطيب (لو 7: 38) ممثّلة سرّ العضويّة الكنسيّة. إنه دخول إلى السيِّد المسيح لتلتقي به دون أن تعوقها الحياة الفرّيسيَّة التي لسمعان. فتقف النفس في اتّضاع تسكب دموع التوبة على قدمي المخلّص، وتنحني برأسها أيضًا، فكرها وشعرها أيضًا، جمالها الجسدي تمسح به القدمين. أنها تُعلن توبتها الممتزجة بالفرح، إذ تُقبِّل قدميه وتسكب الطيب عليهما، فتُعلن رائحة المسيح الذكيّة في حياتها.
أما هذه المرأة التي التقت بالسيِّد في بيت عنيا في بيت سمعان الأبرص، فجاءت تُعلن أروع لقاء للعروسين - الكنيسة مع عريسها - في حِجالِه السماوي لتسكُب كل حياتها رائحة طيب كثير الثمن يملأ السماء والأرض برائحة الحب الذكيّة ـ ما جاء عن هذا اللقاء يدخل بنا إلى أسرار فائقة، أقف أمامها في دهشة لا أعرف كيف أُعبِّر عنها. أنها تحمل سرّ حياة أبديّة لا يمكن للغة البشريّة أن تُسجّلها كما هي!
أولاً: هذه المرأة غالبًا هي القدّيسة مريم أخت لعازر ومرثا، والتي عُرفت بجلساتها الهادئة عند قدميّ المخلّص تسمع له وتتحدّث معه، بينما كانت مرثا ترتبك بخدمات كثيرة. لقد عرَفت كيف تبيع كل شيء لتقتني اللؤلؤة الكثيرة الثمن.
خلال لقائها المستمر مع السيِّد تعرَّفت على سرّ الصليب وأدركت موته وتكفينه، لا كأحداث تاريخيَّة تترقبْها في تخوُّف واضطراب، وإنما كأعمال إلهيّة فائقة. لهذا كانت تبذل كل الجهد أن تدَّخِر كل ما يمكن ادِّخاره لتقدِّم قارورة الطيب الكثيرة الثمن في الوقت المناسب وفي المكان المناسب. ففي قارورة الطيب رأى السيِّد قلب الكنيسة عروسه وقد أدركت سرّ موته، كسرّ طيب مفرح ومبهج للنفس، لهذا أعلن بقوَّة أنه حيثما يُكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يُذكر ما فعلته هذه المرأة. ويقول الإنجيلي مرقس أنها كسرت القارورة! يا له من سرّ عجيب، فإن الكنيسة وقد رأت السيِّد يقدّم حياته مبذولة على الصليب، وينابيع حبّه لها تتفجَّر خلال الجنب المطعون، تقدّمت هي أيضًا في شخص مريم كقارورة طيب تكسرها بإرادتها لتُفجِّر رائحة حبّها خلال الطيب. وهكذا يمتزج الحب بالحب، والألم بالألم، والصليب بالصليب، والجنب المطعون بالقارورة المنكسرة والمسكوبة على الجسد المقدّس!
ثانيًا: تمّاللقاء في بيت عنيا في بيت سمعان الأبرص. إنه "بيت عنيا" موطن مريم، جاء إليه السيِّد مفضِّلاً إيّاه عن أورشليم، فيه يستريح كل ليلة. "بيت عنيا" تعني "بيت العناء" أو "بيت الألم"، فقد جاء إلينا إلى أرض آلامنا، لكي نلتقي به خلال الألم، نُدرك دفنه، لنُدفن معه، نقدّم له حياتنا مبذولة من أجله.
اِلتقت به في بيت سمعان الأبرص، ولعلّ سمعان هذا كان أبرصًا طهَّره السيِّد. لقد جاء إلينا، إلى حياتنا البرصاء الدنسة لا ليحتقرها ولا ليأنف منها لأنها لا تقدر أن تُدنِّس القدّوس بل هو يطهرها. هنا تلتقي الكنيسة مقدَّسة وطاهرة بعريسها المتكئ في بيتها لتقدّم له تقدمة شكر! وكما لم تستطيع فرّيسيَّة سمعان أن تحرم المرأة الخاطئة من الالتقاء به لتقدِّم توبتها (لو 7)، فإنه لم يكن ممكنًا لبرص سمعان هنا إعاقة اِلتقاء مريم الشاكرة بمصدر تقديسها.
ثالثًا: كان توقيت اللقاء دقيقًا للغاية، فقد جاء بعد إقامة لعازر شقيقها من الأموات كتقدّمة شكر. فرحت بإقامة أخيها من القبر فجاءت بإرادتها لكي تُدفن هي مع عريسها في القبر المقدَّس وتقوم به وفيه. في آخر يوم يأتي فيه السيِّد إلى بيت عنيا، إذ كان ذلك يوم الأربعاء بعد تشاور القادة اليهود لقتله، ولم يبق سوى خميس العهد حيث يُقبض على السيِّد لمحاكمته وصلبه، فلو تأخَّرت يومًا واحدًا لما نالت هذه الكرامة العظيمة، لما استحقَّت أن تتنبَّأ عن تكفينه. إنه بالروح الإلهي أدركت في أعماقها الوقت اللائق للالتقاء به بهذه الصورة الفريدة.
v لقد قبِل السيِّد أن يُسكب الطيب فوق رأسه حتى يُعطِّر الكنيسة بنسائم عدم الفساد. لا تدهنوا بعفونة تعليم رئيس هذا العالم (إبليس) لئلا يقودكم إلى الأسْر بعيدًا عن الحياة المُعدَّة لكم.
القدّيس أغناطيوس أسقف أنطاكية
v المسيح ليس في حاجة إلى طيب، ولا الشهداء في حاجة إلى نور الشموع، لكن المرأة سكبت الطيب تكريمًا للمسيح فقبِل ورَع قلبها.
القدّيس جيروم
4. خيانة يهوذا
يقول الأب يوسف: [أي شيء يمكن أن تقدّمه أكثر فائدة للعالم كلّه مثل بركات آلام الرب المخلِّصة؟! ومع هذا فإن الخائن الذي سلَّم الرب للآلام لم ينتفع شيئًا من خيانته، بل أصابه ضرر بالفعل، إذ قيل عنه "ويل لذلك الرجل الذي به يُسلَّم ابن الإنسان، كان خيرًا لذلك الرجل لو لم يولد" (مت 26: 24). فثِمار عمله لا ترتد إليه حسب ما جاءت به من نتائج فعليّة، بل حسب ما أراد هو واِعتقد.]
في الوقت الذي تسلَّلت فيه القدّيسة مريم لتلتقي مع عريسها في بيت عنيا، تُعلن شوقها أن تُدفن معه، إذ بيهوذا "التلميذ" يبيع السيِّد بدراهم قليلة كعبد. لقد كان يهوذا مع السيِّد أغلب الأيام يقضي الساعات الطويلة، بل وأحيانًا الأيام، يراه يصنع أعمالاً عجيبة ويسمعه كثيرًا، بل ونال منه سلطانًا للكرازة وعمل الآيات، لكن قلبه لم يلتقي معه بسبب محبّة المال، أمّا المرأة فلم ترى هذا كلّه ولا سمعت مثله ولا نالت سلطانًا، لكنها تعرَّفت عليه بنقاوة قلب. لقد أعمى الطمع قلب يهوذا ليبيع سيّده، أمّا المرأة فتقدّمت بالحب في حرارة الروح لتتقبّل عمل الخلاص وحق الكرازة الخفيّة.
لم تكن مريم كيهوذا تنعم بالتملذة... فإن سرّ القوّة لا يكمن في مركز الإنسان أو عمله، بل في حياته الداخليّة... يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [الإنسان الفاضل وإن كان عبدًا أو سجينًا فهو أكثر الناس سعادة!... ضعيفة هي الرذيلة وقويّة هي الفضيلة.]
لقد قدّمت مريم غناها عطيّة للرب لتبقى غنيَّة في داخلها، حتى وإن بدت بلا أموال، وباع يهوذا سيّده بالفضّة ليبقى فقيرًا حتى وإن تمتّع بالفضّة في يديه. وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [من هو ليس غنيًا في نفسه لا يمكن أن يكون غنيًا، كما أنه لا يمكن أن يكون فقيرًا من هو ليس بفقيرٍ في ذهنه. فإن كانت النفس هي أسمى من الجسد، فالأعضاء الأقل سُموًا ليس لها سلطان تؤثّر به حتى على ذاتها، أمّا ما هو أسمى فإنه يؤثر عليها ويغيِّرها]، كما يقول: [لا نفع للمال إذا كانت النفس فقيرة، ولا ضرر من الفقر إن كانت النفس غنية.]
إن كانت القدّيسة مريم تمثِّل النفوس الأمينة التي تتقدّم بالحب إليه. فإن يهوذا يمثّل النفوس الخائنة التي تسعى وراء الشرّ وتبيع سيّدها بمُتعة زمنيّة.
يلزمنا هنا أن نُدرك أنه ليس كل خطيّة يسقط فيها الإنسان هي خيانة الرب، وإنما الجري وراءها والبحث عنها، يطلبها الإنسان مستهينًا بالدم، فهذه تُحسب خيانة!
v اليد التي تناولت العطيّة المقدّسة منذ لحظات قامت لتتسلَّم أجرة تآمرها لموت سيّدها.
القدّيس كيرلّس الأورشليمي
v عندما أعدَّ التلاميذ الفِصح أكله المسيح معهم، إذ أطال أناته على الخائن، وقبل أن يضمه إلى مائدة محبّته المترفِّقة اللانهائية - مع أنه كان خائنًا، وكان الشيطان قد وجد له موضعًا فيه.
v يقول "واحد من الاثنى عشر" (26: 14، 47). هذا أمر غاية في الأهمّية إذ يوضّح خطيّة الخيانة بأكثر جلاء. فإن الذي كرَّمه مساويًا إيّاه بالبقيَّة، وزيّنه بالكرامات الرسوليّة، وجعله المحبوب وضمّه للمائدة المقدّسة... صار طريقًا ووسيلة لقتل المسيح.
v أي موضع وجده الشيطان في يهوذا؟ إنه لم يقدر أن يقترب إلى كل الذين أشرت إليهم (الطوباوي بطرس أو يعقوب أو يوحنا...) لأن قلوبهم كانت راسخة ومحبّتهم للمسيح ثابتة، لكن الشيطان وجد له موضعًا في الخائن، من أجل مرض الطمع المرّ الذي يقول عنه الطوباوي بولس "أصل كل الشرور" ( 1تي 6: 10) كان قد هزمه.
القدّيس كيرلّس الكبير
5. تقديم الفِصح
كلما اقتربت ساعة الصليب كان الإنجيليُّون يبرزون كل تصرُّف للسيِّد المسيح بتفاصيله، لتكشِف عن أسرار عمله الخلاصي.
"في أول أيام الفطير تقدّم التلاميذ إلى يسوع، قائلين له:
أين تريد أن نُعد لك لتأكل الفِصح؟
فقال اذهبوا إلى المدينة إلى فلان وقولوا له:
المعلّم يقول: إن وقتي قريب،
عندك أصنع الفِصح مع تلاميذي،
ففعل التلاميذ كما أمرهم يسوع وأعدّوا الفِصح" [17-19].
لِمَ سأل التلاميذ السيِّد هذا السؤال؟
أولاً: ربّمالأن التلاميذ إذ تبعوا السيِّد تركوا كل شيء، فصاروا كمن ليس لهم موضع يُعدُّون فيه الفِصح. يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [من هذا يتَّضح أنه لم يكن له بيت ولا مكان للإقامة، كما يُفترض أنهم هم أيضًا كانوا هكذا، وإلا لتوسَّلوا إليه أن يذهب هناك.]
ثانيًا: كان الفِصح في الطقس اليهودي يتمّ على مستوى عائلي، تقوم كل عائلة بذبح خروف الفِصح، وإن لم يكن في استطاعة العائلة ذلك يمكنها أن تنضم إلى عائلة أخرى، لكن السيِّد المسيح قدّم مفهومًا جديدًا للفِصح الجديد، فإن العائلة التي تحتفل به، إنّما رأسها السيِّد المسيح نفسه، وأعضاؤها يرتبطون بعلاقة روحيّة في المسيح، وليس خلال قرابة دمويَّة.
"ولما كان المساء اِتَّكأ مع الاثني عشر،
وفيما هم يأكلون قال:
"الحق أقول لكم إنَّ واحدًا منكم يسلّمني" [20-21].
العجيب أن السيِّد تحدّث عن خائنه وسط الجماعة دون أن يُشير إليه، كان مهتمًّا بخلاص نفسه دون أن يجرح إحساساته، ولكن إذ رأى السيِّد أن التلاميذ حزنوا جدًا، وابتدأ كل واحد منهميقولله: "هل أنا هو يا رب" [22]،خاف السيِّد عليهم من هذا الاضطراب لئلا يهلكوا يأسًا، فاضطّرّ أن يُشير إليه.
ولئلا يظن التلاميذ أن ما يحدث للسيِّد يتم عن ضعف أكَّد: "إن ابن الإنسان ماضٍ كما هو مكتوب عنه، ولكن ويل لذلك الرجل الذي يُسلِّم ابن الإنسان، كان خيرًا لذلك الرجل لو لم يولد" [24].لقد أعلن السيِّد بؤس يهوذا حتى يؤكِّد أن ما يتم وإن كان بتدبيرٍ إلهيٍ لكن ما يفعله يهوذا لا يتم بغير إرادته؛ لقد كان يهوذا شرِّيرًا وقد استخدم الله شرُّه لتحقيق الأمور الإلهيّة.
6. العشاء الأخير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوستين21
عضو ملكى
عضو ملكى
يوستين21


عدد الرسائل : 1043
العمل/الترفيه : مراقب مالى
المزاج : هادى
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى   تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Emptyالأربعاء يوليو 02, 2008 4:56 pm

. العشاء الأخير
إذ كانوا يأكلون الفِصح اليهودي الرمزي "أحضر يسوع الخبز، وبارك وكسَّر وأعطى التلاميذ، وقال: خذوا كلوا هذا هو جسدي، وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً: اشربوا منها كلّكم، لأن هذا هو دمي للعهد الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" [26-28].
يُعلّق القدّيس كيرلّس الكبير على العشاء الأخير، قائلاً: [بأيَّة وسيلة يمكن للإنسان الذي على الأرض وقد اِلتحف بالمائت أن يعود إلى عدم الفساد؟ أجيب أن هذا الجسد المائت يجب أن يشترك في قوّة واهب الحياة النازلة من الله. أمّا قوّة واهب الحياة التي لله الآب فهي الابن الوحيد الكلمة، الذي أرسله إلينا مخلّصًا وفاديًا. كيف أرسله إلينا؟ يخبرّنا يوحنا الإنجيلي بكل وضوح: "والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا" (يو 1: 14)... عندما نأكل جسد المسيح المقدّس، مخلّصنا جميعًا، ونشرب دمه الكريم ننال الحياة فينا، إذ نكون كما لو أننا واحد معه، نسكن فيه وهو يملك أيضًا فينا... لا تشك فإن هذا حق مادام يقول بنفسه بوضوح: "هذا هو جسدي، هذا هو دمي" (يو 6)، بل تقبل كلمة المخلّص بإيمان، إذ هو الحق الذي لا يقدر أن يكذب .]
لقد تحقّق ذلك في المساء [20] وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [المساء علامة أكيدة عن تمام الأزمنة، وأن الأمور قد جاءت الآن إلى ذات النهاية .]
إذ أكمل السيِّد الفِصح حتى لا يُحسب متراخيًا في الشريعة، قدّم ذاته فِصحًا جديدًا عن البشريّة كلها، معلنًا أن ذبيحة الصليب لم تتم اعتباطًا وإنما بإرادته يسلّم نفسه للصليب. قام بتحويل الخبز والخمر إلى جسده ودمه الأقدسين ذبيحة حقيقيّة واهبة للغفران [28]. لقد قدّمها لكنيسته لكي تتمتّع بها عبر الأجيال تأكيدًا لاستمرار ذبيحة الصليب، كذبيحة حيّة وفريدة خلالها ينعم على المؤمنين بجسده ودمه الأقدسين كسِرّ حياتهم... يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [كثيرون يقولون الآن أرغب في رؤية هيئته وملابسه ونعاله، آه ها أنت تراه وتلمسه وتتناوله! حقًا أنت تريد ملابسه وها هو يعطي لك ذاته، لا لكي تراه فحسب بل تلمسه وتتناوله وتقبله في داخلك.]
يكمّل السيِّد كلماته: "وأقول لكم إني من الآن لا أشرب من نتاج الكرْمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديدًا في ملكوت أبي" [29]. ما هو هذا الجديد الذي نشربه معه في ملكوت أبينا إلا تمتّعنا بشركة الاتّحاد مع الله في ذبيحة ابنه في السماوات على مستوى جديد. إنه اِمتداد لليتورجيّة الحاليّة ولكن بطريقة لا ينطق بها!
بعد التناول "سبَّحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون" [30].لقد تمَّت ذبيحة الشكر لتختم بالتسابيح، الأمر الذي تعيشه الكنيسة في كل قداس إلهي حيث تختم ليتورجيَّا الإفخارستيا بالتسابيح المفرحة خاصة المزمور 150.
7. تحذيرهم من الشك
إذ اِنطلق السيِّد بتلاميذه إلى جبل الزيتون فقد انطلق بإرادته ليتقبّل الكأس من يدي الآب، حيث يقبل أن يحمل ثقل خطايانا على كتفيه مقدّمًا نفسه ذبيحة إثم عنّا.
في طريقه إلى الصليب حذّر تلاميذه وشجَّعهم محدِّثًا إيّاهم عن الصليب والقيامة معًا، إذ يقول: "كلّكم تشكّون فيّ في هذه الليلة، لأنه مكتوب أني أضرب الراعي فتتبدّد خراف الرعيّة، ولكن بعد قيامي أسبقُكُم إلى الجليل" [31-32].بالصليب أراد العدوّ أن يضرب الراعي ليُبدّد خراف الرعيَّة، لكن قد تحوّل الصليب إلى قيامة، فيسبقنا السيِّد إلى الجليل. ولما كانت كلمة "جليل" تعني "دائرة أو مقاطعة"، فكأن السيِّد بقيامته قد سبقنا إلى دائرة جديدة أو مقاطعة جديدة. إنه بكر الراقدين الذي يحمل فيه الحياة المقامة لكي ندخل به وفيه إلى دائرة هذه الحياة الجديدة المقامة.
لقد ظنّ بطرس الرسول أنه قادر أن يقف بجانب السيِّد ولا يشك فيه أبدًا، لكن ما لم يعرفه بطرس عن نفسه كان يعرفه خالقه مؤكدًا له: "الحق أقول لك أنك في هذه الليلة قبل أن يصيح الديك تُنكرني ثلاث مرّات" [34].لقد كان بطرس واثقًا في ذاته بغير أساس، إذ قال: "ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك" [36].وما قاله بطرس الرسول قاله أيضًا جميع التلاميذ.
ما أحوجنا أن نرتمي في حضن الله العارف بضعفنا، فلا نثق بذواتنا بل في نعمة الله القادرة أن تقيمنا من الضعف. قد نظن أننا قادرون على الحياة الفاضلة المقدّسة، ولا ندري أننا ضعفاء كل الضعف يمكن أن نسقط في لحظات! وكما يقول القدّيس كيرلّس الكبير: [ليتنا لا نفتخر بأنفسنا بل بالأحرى نفتخر بعطاياه.]
والعجيب أن السيِّد المسيح الذي حذّر تلميذه من نتيجة تجربة الشيطان له إذ ينكره ثلاث مرّات أعطاه كلمة تعزية أنه يعود فيقوم بل ويسند إخوته (لو 22: 31-34).
8. في جثسيماني
إذ جاء السيِّد بتلاميذه إلى جثسيماني، قال للتلاميذ: "اِجلسوا ههنا حتى أمضي وأصلِّي هناك، ثم أخذ بطرس وابنيّ زبدي، واِبتدأ يحزن ويكتئب" [36-37]."جثسيماني" كلمة آراميَّة تعني "معصرة زيت". وكأن السيِّد يدخل بإرادته إلى المعصرة. ولم يكن ممكنًا للتلاميذ أن يدخلوا معه، إنّما اختار بطرس وابنيّ زبدي كشهود يرونه إلى حين، لكنهم لا يستطيعوا أن يعاينوا لحظات العصر، فقد تركهم قليلاً وسألهم أن يسهروا فلم يستطيعوا، بل ناموا. وتكرّر الأمر ثانية، فكان يسألهم أن يسهروا معه ولم يقدروا، وفي المرة الثالثة قال لهم: "ناموا الآن واستريحوا" [40].
بروح النبوّة رآه إشعياء النبي في جثسيماني وقد اِجتاز المعصرة الحقيقية، فقال "من ذا الآتي من آدوم بثياب حُمر... من بصرَة هذا البهي بملابسه.. المتعظِّم بكثرة قوّته؟! أنا المتكلِّم بالبرّ، العظيم للخلاص. ما بال لباسَك مُحمر، وثيابك كدائِس المِعصرة؟! قد دُستُ المِعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد" (إش 63: 1-3).
لقد اجتاز السيِّد المِعصرة وحده وهو يقول: "نفسي حزينة جدًا حتى الموت" [38]. أمّا سِرّ حزنه فهو ليس الخوف من الآلام الجسديّة، إنّما ثقل الخطيّة التي لا يقبلها السيِّد ولا يطيقها، لكنّه من أجل هذا جاء، ونيابة عنّا خضع في طاعة للآب ليحمل موت الخطيّة فيه. إنه يصرخ: "يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عنِّي هذه الكأس، لكن ليس كما أريد أنا، بل كما تريد أنت" [39].وكما يقول القدّيس أغسطينوس: [إن إرادة الآب وإرادة الابن واحدة لأن لهما روح واحد، لماذا إذن قال هذا؟ لقد جاء نيابة عنّا نحن الذين رفضنا إرادة الله فخضع للصليب بسرور من أجل الطاعة للآب، وفي نفس الوقت كان يريد ذلك. هذا ما أعلنه السيِّد نفسه بقوله: "هكذا أحبَّ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد" (يو 3: 16). وكأن البذل هنا هو من إرادة الآب المحب. وفي نفس الوقت يقول الرسول: "أحبَّني وأسلم نفسه لأجلي" (غل 2: 20)، باذلاً نفسه المملوءة حبًا.]
v من المستحيل أن ابن الإنسان كان يقول: يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عنِّي هذه الكأس، تحت إحساس بالخوف!... فالرب يسوع لا يستعفي من ذبيحة الموت حتى تصل نعمة الخلاص للجنس البشري كله.
العلاّمة أوريجينوس
v "نفسي حزينة جدًا حتى الموت". لنقدّم الشكر أن ليسوع جسد حقيقي ونفس حقيقيّة، فلو أن الرب لم يأخذ الطبيعة الإنسانيّة بكاملها لما خلّص البشريّة. لو أنه أخذ جسدًا فقط بلا نفس لخلص الجسد دون النفس مع أننا نحتاج إلى خلاص النفس أكثر من خلاص الجسد. لقد أخذ الجسد والنفس معًا ليخلّصهما، يخلّص الإنسان بكامله كما خلقه.
القدّيس جيروم
v بكونه الله الذي لبس جسدًا قام بدور الضعف الجسدي حتى لا يوجد عذر لدى الأشرار مُنكري التجسّد. فمع قوله هذا إذا بأتباع ماني لا يصدّقون، وفالنتيوس ينكر التجسّد، ومرقيون يَدَّعي أنه كان خيالاً... لقد أظهر نفسه أنه يحمل جسدًا حقيقيًا.
القدّيس أمبروسيوس
يرى القدّيس كيرلّس الكبير أن سرّ حزن السيِّد المسيح هو رفض إسرائيل ابنه البكر له، إذ يقول:
v كما بكى على لعازر في ترفُّق بالجنس البشري كلّه بكونه صار فريسة للفساد والموت، هكذا نقول أنه حزن هنا إذ رأى أورشليم، وقد أحاطت بها المآسي الكبرى، ولم يعد لمصائبها علاج.
v لم تكن آلامه عملاً تحقّق بغير إرادته، لكن من جانب آخر كانت خطيرة، إذ تؤدي إلى رفض مجمع اليهود وخرابه. لم تكن إرادته أن يكون إسرائيل قاتلاً لربِّه، معرِّضًا نفسه للدينونة واللوم والحرمان من عطايا الله... بينما كانوا قبلاً شعبه، وحدهم كانوا شعبه ومختاريه وورثة!
القدّيس كيرلّس الكبير
لقد دخل السيِّد إلى صلاة أيضًا لتعليمنا، إذ يقول لتلاميذه: "اسهروا وصلّوا لئلا تدخلوا في تجربة، أمّا الروح فنشيط، وأما الجسد فضعيف" [41].
يقول القدّيس جيروم: [بينما روحي قويّة تقودني للحياة، إذ بجسدي ضعيف يسحبني للموت.] فالحاجة ملحَّة إلى الصلاة ليسند الله روحنا ويقيم جسدنا من ضعفه. ويحدّثنا القدّيس كيرلّس الكبير عن ضرورة اقتدائنا بالسيِّد وقت التجربة، قائلاً: [كان يصلّي عندما كان الذين يريدون أن يمسكوه على الأبواب. لا يفهم أحد أنه يقدّم هنا توسُّلات كمن هو في حاجة إلى قوّة أو عون من آخر، إذ هو نفسه قوّة الله الآب القدير وسلطانه، إنّما صنع ذلك لتعليمنا، لكي ينزع عنّا التراخي عند حلول التجربة، وعندما يضغط الاضطهاد علينا وعندما تلقى شباك الغدر ضدّنا، وتكون شبكة الموت مُعدَّة لنا. فإن وسيلة خلاصنا هي السهر وإحناء الركب وتقديم التوسُّلات وسؤال العون من فوق حتى لا نضعف ويصيبنا هلاكًا مرعبًا.]
إن كان السيِّد قد سألهم أن يسهروا، لكن بعد أن صلَّى ثلاث مرّات عاد إليهم وهو يقول: "ناموا الآن واستريحوا، هوذا الساعة قد اقتربت، وابن الإنسان يسلّم إلى أيدي الخطاة" [45].إذ يسلّم السيِّد نفسه للموت ننام نحن ونستريح، إنه علّة راحتنا، يدخل إلى الصليب ليدفع الدين عنّا، يتألّم فنستريح، ويصلب فنكلّل!
9. القبض على السيِّد
كان لابد للسيِّد المسيح وقد احتل آخر الصفوف - ليحمل آلامنا ويشرب عنّا الكأس حتى النهاية - أن يتقبّل الألم على يديّ أحد تلاميذه، وخلال قُبلة ليكون الجرح غاية في المرارة. لقد رآه النبي مجروحًا فسأله:ا هذه الجروح في يديك؟" (زك 13: 6) فيجيب السيِّد في مرارة: "هي التي جُرحتُ بها في بيت أحبائي" (زك 13: 6). وتزداد الجراحات مرارة أنها جاءت مغلَّفة بغلاف الحب الغاش، والكلمات الليِّنة التي تحمل وراءها سُم الشرّ. ونحن أيضًا إذ نتَّحد بالسيِّد المسيح يلتقي بنا من هو من "أهل بيتنا"، كيهوذا مقاطعًا روح الحق فينا، إذ يقول: "أعداء الإنسان أهل بيته".
لقد أعطى السيِّد الفرصة الأخيرة ليهوذا فإنه حتى في لحظات القبض عليه عاتبه بكلمات لطيفة: "يا صاحب لماذا جئتَ؟!" [50].
بقُبلة سلَّم يهوذا سيّده وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [إنك تقدّم قُبلة يا من لا تعرف سرّ القُبلة، فالمطلوب ليس قُبلة الشفتين وإنما قُبلة القلب والنفس.]
مدّ بطرس الرسول يده واستل سيفه ليضرب ملْخَس عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه [51]...، فأمره السيِّد أن يرد سيفه إلى غِمده وشَفى أُذن العبد، قائلاً: "لأن كل الذين يأخذون بالسيف فبالسيف يُأخذون، أتظن إنّني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيُقدّم لي أكثر من اِثني عشر جيشًا من الملائكة، فكيف تكمل الكتب إنه هكذا ينبغي أن تكون؟! [52-54]
حينما يستخدم الإنسان العنف في خدمته تحت ستار الدفاع عن السيِّد المسيح الحق، إنّما يكون كبطرس الذي يضرب بالسيف فيقطع أُذن العبد ويفقده الاستماع لصوت الكلمة. كلمة العنف تُزيد المقاومين عنادًا، تفقدهم سمعهم الروحي للحق، فلا يشتهوا الرجوع عن مقاومتهم ولا يتوقون للحق.
بسرور احتمل السيِّد جراحات مقاوميه لكنّه لم يحتمل دفاع تلميذه عنه بالسيف، فإن ما حمله بطرس من مرارة تجاه صالبي السيِّد كان في نظره أمر من سيف الأشرار. كما يقول القدّيس أمبروسيوس: [لا يريد المسيح أن يُدافع عنه ضدّ جراحات المضطهد، بل أراد أن يشفي الكل بهذه الجراحات.]
v لم يرد لنا أن نستخدم السيوف في مقاومة أعدائنا بل بالأحرى نستخدم الحب والوقار، فنكسب من هم ضدّنا. يعلّمنا بولس تعليمًا مشابهًا بقوله: "هادمين ظنونًا وكل علوّ يرتفع ضدّ معرفة الله ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح" (2 كو 10: 5)، لأن الحرب من أجل الحق روحيّة والسلاح الذي يجعلنا قدّيسين عقلي ومملوء محبّة الله.
القدّيس كيرلّس الكبير
v لقد قطع بطرس الأذن اليُمنى لعبد رئيس الكهنة، وكان هذا العمل بمثابة علامة على عجز اليهود عن السمع الجيد، لأنهم لهم ينصتوا جيدًا لكلمات المسيح، بل أكرَموا الأذن اليُسرى أي طاعة هواجسهم التابعة عن تعصبُّهم فصاروا "مضَلّين ومضِلَّين" (2 تي 3: 13). وكما يقول الكتاب لأنهم عندما عاشوا حسب الناموس لم يهتمّوا بالوصيّة قدر اهتمامهم بتعاليم الناس (مت 15: 19).
v كأن بطرس كشف ما في أعماقهم أن أذنهم اليُمنى الروحيّة قد قُطعت إذ اهتموا بالأُذن اليُسرى والسماع للأضاليل... لكن السيِّد جاء ليُصلِح هذه الأذن اليُمنى ويهبها سماعًا روحيًا.
القدّيس كيرلّس الكبير
10. المحاكمة الدينيّة
وقف الديّان أمام رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ ليُحاكَم كمجدِّفٍ يسندهم شاهدا زور، وكان هو صامتًا. وُجه الاتهام إليه كمجدِّف بكونه قال: "إني أقدر أن أنقض هيكل الله وفي ثلاثة أيام ابنيه" [61]،وكان ذلك شهادة زور، فإنه لم يقل هذا بل قال: "انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أُقيمه" (يو 2: 19). وكان يتحدّث عن هيكل جسده (2: 12)، أمّا هم ففهموه يتحدّث عن هيكل أورشليم. أما الجانب الثاني من التجديف فهو أنه يقول عن نفسه أنه المسيح ابن الله وعندما سأله رئيس الكهنة في ذلك، أجاب "أنت قلت، وأيضًا أقول لكم من الآن تُبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوّة، وآتيًا على سحاب السماء" [64].
إذ لم يحتمل رئيس الكهنة إجابة السيِّد مزَّق ثيابه، وكان ذلك علامة نزع الكهنوت اللاوي واِنتهائه، فيظهر كهنوت جديد على طقس ملكي صادق.
يُعلّق القدّيس كيرلّس الكبير على سؤال رئيس الكهنة للسيِّد المسيح: "اَستحلفك بالله الحيّ أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله؟" [63]، قائلاً: ٌ[اِخبرني لماذا تسأله؟ هل لتعرف إن كان هو المسيح؟ فإنكتستطيع بسهولة أن تعرفه من الناموس والأنبياء. اِبحث في كتابات موسى، فتراه مصوِّرًا فيها بطرق متعدّدة... افحص كتابات الأنبياء فإنك تسمعهم يُعلنون معجزاته الإلهيّة العجيبة.]
11. إنكار بطرس
كان بطرس جالسًا خارجًا في الدار، فاصطادته جارية لتتهمه أنه كان مع يسوع، فأنكر قدام الجميع. وإذ خرج إلى الدهليز رأته أخرى واِتَّهمته كالأولى فأنكر، وبعد قليل جاء القيام يُعلنون أن لُغته تظهره، فابتدأ يَلعن ويحلف أنه لا يعرفه وللوقت صاح الديك.
النفس التي تبقى متراخية في حالة جلوس خارجًا ولا تدخل مع السيِّد إلى الصليب لتتعرَّف على أعماقه الداخليّة لا تقدر أن تشهد بل تُنكر، وإذ تخرج إلى الدهليز أي تحيا بلا حياة سرّيّة تكرّر إنكارها له، ويصطادها الكثيرون ليدفعوها إلى الإنكار. أمّا النفس التي تدخل إلى الصليب، وتقترب منه كيوحنا، فلا تُنكر بل تتقبّل من السيِّد المسيح أُمُّه أُمًّا لها.
يتحدّث القدّيس كيرلّس الكبير عن ضعف بطرس الرسول وتوبته، قائلاً: [لم يكن المسيح قد قام من الأموات، ولا أبطل الموت، ولا نزع الفساد، لذلك كان الخوف من الموت فوق احتمال البشر... قد دان الرسول نفسه بضميره كما يظهر من بكائه مباشرة بعد ذلك ومن دموع توبته النازلة من عينيّه بسبب خطيّته الخطيرة... إنه لم يكن مهمِلاً في توبته، فكما سقط سريعًا في خطيّته هكذا بسرعة كانت دموعه تسقط بسببها، فإنه لم يبكِ فحسب وإنما بكى بمرارة. كإنسان سقط، وفي شجاعة قام مرّة أخرى إذ يعرف أن الله الرحوم يقول بأحد أنبيائه: "هل يسقطون ولا يقومون؟! أو يرتدّ أحد ولا يرجع؟!" (إر 8: 4). ففي رجوعه لم يفقد العلامة بل اِستمر كما كان عليه قبلاً كتلميذٍ حقيقيٍ.] ويقول القدّيس أمبروسيوس: [بكى بطرس لأنه أخطأ، كإنسان ضلَّ وبكى ولم يعتذر، لأن الدموع تغسل ما تخجل أفواهنا أن تنطق به... الدموع لا تسأل الغفران إنّما تناله... نظر إليه يسوع، فبكى بكاءً مرًا. لتنظر إلينا أيها الرب يسوع فنعرف البكاء على خطيَّتنا.]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوستين21
عضو ملكى
عضو ملكى
يوستين21


عدد الرسائل : 1043
العمل/الترفيه : مراقب مالى
المزاج : هادى
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى   تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Emptyالأربعاء يوليو 02, 2008 4:57 pm

و لما اكمل يسوع هذه الاقوال كلها قال لتلاميذه
2 تعلمون انه بعد يومين يكون الفصح و ابن الانسان يسلم ليصلب
3 حينئذ اجتمع رؤساء الكهنة و الكتبة و شيوخ الشعب الى دار رئيس الكهنة الذي يدعى قيافا
4 و تشاوروا لكي يمسكوا يسوع بمكر و يقتلوه
5 و لكنهم قالوا ليس في العيد لئلا يكون شغب في الشعب
6 و فيما كان يسوع في بيت عنيا في بيت سمعان الابرص
7 تقدمت اليه امراة معها قارورة طيب كثير الثمن فسكبته على راسه و هو متكئ
8 فلما راى تلاميذه ذلك اغتاظوا قائلين لماذا هذا الاتلاف
9 لانه كان يمكن ان يباع هذا الطيب بكثير و يعطى للفقراء
10 فعلم يسوع و قال لهم لماذا تزعجون المراة فانها قد عملت بي عملا حسنا
11 لان الفقراء معكم في كل حين و اما انا فلست معكم في كل حين
12 فانها اذ سكبت هذا الطيب على جسدي انما فعلت ذلك لاجل تكفيني
13 الحق اقول لكم حيثما يكرز بهذا الانجيل في كل العالم يخبر ايضا بما فعلته هذه تذكارا لها
14 حينئذ ذهب واحد من الاثني عشر الذي يدعى يهوذا الاسخريوطي الى رؤساء الكهنة
15 و قال ماذا تريدون ان تعطوني و انا اسلمه اليكم فجعلوا له ثلاثين من الفضة
16 و من ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه
17 و في اول ايام الفطير تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين له اين تريد ان نعد لك لتاكل الفصح
18 فقال اذهبوا الى المدينة الى فلان و قولوا له المعلم يقول ان وقتي قريب عندك اصنع الفصح مع تلاميذي
19 ففعل التلاميذ كما امرهم يسوع و اعدوا الفصح
20 و لما كان المساء اتكا مع الاثني عشر
21 و فيما هم ياكلون قال الحق اقول لكم ان واحدا منكم يسلمني
22 فحزنوا جدا و ابتدا كل واحد منهم يقول له هل انا هو يا رب
23 فاجاب و قال الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يسلمني
24 ان ابن الانسان ماض كما هو مكتوب عنه و لكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الانسان كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد
25 فاجاب يهوذا مسلمه و قال هل انا هو يا سيدي قال له انت قلت
26 و فيما هم ياكلون اخذ يسوع الخبز و بارك و كسر و اعطى التلاميذ و قال خذوا كلوا هذا هو جسدي
27 و اخذ الكاس و شكر و اعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم
28 لان هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا
29 و اقول لكم اني من الان لا اشرب من نتاج الكرمة هذا الى ذلك اليوم حينما اشربه معكم جديدا في ملكوت ابي
30 ثم سبحوا و خرجوا الى جبل الزيتون
31 حينئذ قال لهم يسوع كلكم تشكون في في هذه الليلة لانه مكتوب اني اضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية
32 و لكن بعد قيامي اسبقكم الى الجليل
33 فاجاب بطرس و قال له و ان شك فيك الجميع فانا لا اشك ابدا
34 قال له يسوع الحق اقول لك انك في هذه الليلة قبل ان يصيح ديك تنكرني ثلاث مرات
35 قال له بطرس و لو اضطررت ان اموت معك لا انكرك هكذا قال ايضا جميع التلاميذ
36 حينئذ جاء معهم يسوع الى ضيعة يقال لها جثسيماني فقال للتلاميذ اجلسوا ههنا حتى امضي و اصلي هناك
37 ثم اخذ معه بطرس و ابني زبدي و ابتدا يحزن و يكتئب
38 فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت امكثوا ههنا و اسهروا معي
39 ثم تقدم قليلا و خر على وجهه و كان يصلي قائلا يا ابتاه ان امكن فلتعبر عني هذه الكاس و لكن ليس كما اريد انا بل كما تريد انت
40 ثم جاء الى التلاميذ فوجدهم نياما فقال لبطرس اهكذا ما قدرتم ان تسهروا معي ساعة واحدة
41 اسهروا و صلوا لئلا تدخلوا في تجربة اما الروح فنشيط و اما الجسد فضعيف
42 فمضى ايضا ثانية و صلى قائلا يا ابتاه ان لم يمكن ان تعبر عني هذه الكاس الا ان اشربها فلتكن مشيئتك
43 ثم جاء فوجدهم ايضا نياما اذ كانت اعينهم ثقيلة
44 فتركهم و مضى ايضا و صلى ثالثة قائلا ذلك الكلام بعينه
45 ثم جاء الى تلاميذه و قال لهم ناموا الان و استريحوا هوذا الساعة قد اقتربت و ابن الانسان يسلم الى ايدي الخطاة
46 قوموا ننطلق هوذا الذي يسلمني قد اقترب
47 و فيما هو يتكلم اذا يهوذا احد الاثني عشر قد جاء و معه جمع كثير بسيوف و عصي من عند رؤساء الكهنة و شيوخ الشعب
48 و الذي اسلمه اعطاهم علامة قائلا الذي اقبله هو هو امسكوه
49 فللوقت تقدم الى يسوع و قال السلام يا سيدي و قبله
50 فقال له يسوع يا صاحب لماذا جئت حينئذ تقدموا و القوا الايادي على يسوع و امسكوه
51 و اذا واحد من الذين مع يسوع مد يده و استل سيفه و ضرب عبد رئيس الكهنة فقطع اذنه
52 فقال له يسوع رد سيفك الى مكانه لان كل الذين ياخذون السيف بالسيف يهلكون
53 اتظن اني لا استطيع الان ان اطلب الى ابي فيقدم لي اكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة
54 فكيف تكمل الكتب انه هكذا ينبغي ان يكون
55 في تلك الساعة قال يسوع للجموع كانه على لص خرجتم بسيوف و عصي لتاخذوني كل يوم كنت اجلس معكم اعلم في الهيكل و لم تمسكوني
56 و اما هذا كله فقد كان لكي تكمل كتب الانبياء حينئذ تركه التلاميذ كلهم و هربوا
57 و الذين امسكوا يسوع مضوا به الى قيافا رئيس الكهنة حيث اجتمع الكتبة و الشيوخ
58 و اما بطرس فتبعه من بعيد الى دار رئيس الكهنة فدخل الى داخل و جلس بين الخدام لينظر النهاية
59 و كان رؤساء الكهنة و الشيوخ و المجمع كله يطلبون شهادة زور على يسوع لكي يقتلوه
60 فلم يجدوا و مع انه جاء شهود زور كثيرون لم يجدوا و لكن اخيرا تقدم شاهدا زور
61 و قالا هذا قال اني اقدر ان انقض هيكل الله و في ثلاثة ايام ابنيه
62 فقام رئيس الكهنة و قال له اما تجيب بشيء ماذا يشهد به هذان عليك
63 و اما يسوع فكان ساكتا فاجاب رئيس الكهنة و قال له استحلفك بالله الحي ان تقول لنا هل انت المسيح ابن الله
64 قال له يسوع انت قلت و ايضا اقول لكم من الان تبصرون ابن الانسان جالسا عن يمين القوة و اتيا على سحاب السماء
65 فمزق رئيس الكهنة حينئذ ثيابه قائلا قد جدف ما حاجتنا بعد الى شهود ها قد سمعتم تجديفه
66 ماذا ترون فاجابوا و قالوا انه مستوجب الموت
67 حينئذ بصقوا في وجهه و لكموه و اخرون لطموه
68 قائلين تنبا لنا ايها المسيح من ضربك
69 اما بطرس فكان جالسا خارجا في الدار فجاءت اليه جارية قائلة و انت كنت مع يسوع الجليلي
70 فانكر قدام الجميع قائلا لست ادري ما تقولين
71 ثم اذ خرج الى الدهليز راته اخرى فقالت للذين هناك و هذا كان مع يسوع الناصري
72 فانكر ايضا بقسم اني لست اعرف الرجل
73 و بعد قليل جاء القيام و قالوا لبطرس حقا انت ايضا منهم فان لغتك تظهرك
74 فابتدا حينئذ يلعن و يحلف اني لا اعرف الرجل و للوقت صاح الديك
75 فتذكر بطرس كلام يسوع الذي قال له انك قبل ان يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات فخرج الى خارج و بكى بكاء مرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوستين21
عضو ملكى
عضو ملكى
يوستين21


عدد الرسائل : 1043
العمل/الترفيه : مراقب مالى
المزاج : هادى
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى   تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Emptyالأربعاء يوليو 02, 2008 4:57 pm

الاصحاح السابع والعشرون
الملك المصلوب
لما كان الصليب هو الطريق الملوكي، لذلك قدّم لنا الإنجيلي متى صورة دقيقة عن أحداث الصليب:
1. محاكمته أمام الوالي 1-2.
2. رد الفضّة 3-10.
3. صمتِه أمام الوالي 11-14.
4. إطلاق باراباس 15-26.
5. آلامه قبيل الصلب 27-31.
6. آلامه أثناء الصلب 32-38.
7. الاستهزاء به 39-44.
8. ظلمة على الأرض 45.
9. صراخه وتسليمه الروح 46-50.
10. انشقاق الحجاب 51-56.
11. دفن السيِّد 57-61.
12. خِتم القبر 62-66.
1. محاكمته أمام الوالي
تمت المحاكمات الدينيّة طوال الليل، وسط ظلمة الحقد والكراهيّة، "ولما كان الصباح تشاور جميع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب على يسوع حتى يقتلوه، فأوثقوه ومضوا به ودفعوه إلى بيلاطس البنطي الوالي" [1-2].
كان قادة اليهود يطلبون المسيّا المخلّص لينقذهم من الحكم الروماني، ويقيم لهم مملكة مسيانيَّة أرضيّة، يطمع الكل أن يكون لهم فيها مراكز مرموقة وسلطان. أمّا وقد حطَّم السيِّد كل مفهوم مادي للملكوت معلنًا المفهوم الروحي، التجأوا إلى قادة الرومان أنفسهم ليحكموا عليه ليس فقط من جهة أمورهم الدينيّة، وإنما كخائنٍ وطنيٍ يُقيم نفسه ملكًا. وكأن هؤلاء الذي يطلبون التخلُّص من قيصر هم أنفسهم من أجل مصالحهم الذاتيّة تظاهروا كمدافعين عنه ضدّ المخلّص! كان مبدأهم الداخلي والخفي هو المصلحة الخاصة لا الجماعة أو خدمة الله والوطن!
2. رد الفضة
لم يكن ممكنًا ليهوذا أن يترك الفضّة معه، فكما أن من يترك شيئًا من أجل السيِّد المسيح يرد له مئة ضعف في هذا العالم مع حياة أبديّة في الدهر الآتي (مت 19: 29)، هكذا من يبيع السيِّد بثمن يخسر مئة ضعف في هذا العالم ويفقد حياته إلى الأبد. كان يهوذا في طمعه يظن أنه يقتني ربحًا بالثلاثين من الفضّة، وإذا به يقتني همًّا وغمًا، فذهب يرد الفضّة في ندامة بلا توبة، ومرارة بلا رجاء، حتى لم يطِق حياته فمضى وخنق نفسه.
لم يقبل رؤساء الكهنة أن تُوضع الفضّة في خزانة، لأنها ثمن دمٍ، فاشتروا بها حقل فخَّاري مقبرة للغرباء وقد دُعيَ بحقل الدم، شهادة لما فعلته البشريّة بمخلّصها.
يُعلّق القدّيس كيرلّس الأورشليمي عن كلمات رؤساء الكهنة والشيوخ ليهوذا: "ماذا علينا؟ أنت أبصر" [4]،وقولهم عن الفضّة المطروحة في الهيكل: "لا يحلّ أن نلقيها في الخزانة، لأنه ثمن دم" [6]، قائلاً: [يا للعجب! القتلة يقولون: ماذا علينا؟ ويطلبون من الذي قبِل ثمن الجريمة أن يُبصر هو، أمّا هم قاتلوه فليس عليهم أن يُبصروا... يقولون في أنفسهم: لا يحلّ أن نلقيها في الخزانة، لأنه ثمن دم. إن ما نطقتم به هو الذي يدينكم! لأنه إذا كان وضع ثمن الدم في الخزانة يعتبر إثمًا، فكم يكون إهدار الدم؟! وإذا كنتم ترون عُذرًا لصلب المسيح فلماذا ترفضون قبول الثمن؟]
"حقل الدم" الذي اُشتُرى بالثلاثين من الفضّة كمدفن للغرباء يُشير إلى العالم الذي افتداه الرب بدمه لكي يدفن فيه الأمم، فينعمون معه بقيامته. وكما يقول القدّيس جيروم: [لماذا اِشتروه؟ لكي يستخدموه مدفنًا للغرباء. إننا نحن المنتفعون به، فقد اُشترى الحقل لأجلنا بثمن دم المسيح.] ويقول القدّيس أمبروسيوس: [الحقل حسب الكلمات الإلهيّة هو كل العالم الحاضر (مت 13: 36)، وثمن الدم هو ثمن آلام الرب الذي اشترى العالم بثمن دمه ليخلّصه (يو 3: 17). جاء لكي يحفظ الذين دُفنوا مع المسيح وماتوا معه في المعموديّة (رو 6: 4، 8؛ كو 2: 12) لنوال البركات الأبديّة... فعِوض أن يعيشوا غرباء تحت الناموس... صاروا قريبين بدم المسيح (أف 2: 11-13).] وقد سبق لنا تفسير الثلاثين من الفضّة وبيت الفخّاري وحقل الدم وما ترمز إليه في دراستنا لسفر زكريّا النبي (زك 11: 12-13).
3. صمته أمام الوالي
"فوقف يسوع أمام الوالي، فسأله الوالي، قائلاً:
أأنت ملك اليهود!
فقال له يسوع: أنت تقول.
وبينما كان رؤساء الكهنة والشيوخ يشتكون عليه لم يجب بشيء.
فقال له بيلاطس: أما تسمع كم يشتكون عليك؟
فلم يُجبه ولا عن كلمة واحدة، حتى تعجّب الوالي جدًا" [11-14].
كانت إجابته لبيلاطس الوالي مقتضبة للغاية، في الحدود التي فيها يكشف له عن الحق، فلا يكون له عذر. وعندئذ توقَّف عن الكلام سواء مع القادة الدينيّين أو الوالي، إذ لم يرد أن يدافع عن نفسه. لو أراد لأمكن أن يشهد عن نفسه، ويأمر السماء فتشهد له، لكنّه لم يكن محتاجًا إلى هذه الشهادة والدفاع عنه. حقًا إن كثرة الكلام وخاصة تبرير الإنسان نفسه يُعلن عن الفراغ الداخلي والضعف، ولكن بقدر ما تشبع النفس في الداخل ويكون إنساننا الداخلي قويًّا تقل الكلمات جدًا!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوستين21
عضو ملكى
عضو ملكى
يوستين21


عدد الرسائل : 1043
العمل/الترفيه : مراقب مالى
المزاج : هادى
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى   تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Emptyالأربعاء يوليو 02, 2008 4:57 pm

كانت إجابته لبيلاطس الوالي مقتضبة للغاية، في الحدود التي فيها يكشف له عن الحق، فلا يكون له عذر. وعندئذ توقَّف عن الكلام سواء مع القادة الدينيّين أو الوالي، إذ لم يرد أن يدافع عن نفسه. لو أراد لأمكن أن يشهد عن نفسه، ويأمر السماء فتشهد له، لكنّه لم يكن محتاجًا إلى هذه الشهادة والدفاع عنه. حقًا إن كثرة الكلام وخاصة تبرير الإنسان نفسه يُعلن عن الفراغ الداخلي والضعف، ولكن بقدر ما تشبع النفس في الداخل ويكون إنساننا الداخلي قويًّا تقل الكلمات جدًا!
صمْتْ السيِّد أمام متَّهميه هو كنز ثمين ورصيد يَغترف منه المؤمن عندما يُهان ويُتَّهم ظلمًا فلا يثور أو يضطرب. وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [هل شتمك أحد؟ اِرسم العلامة على صدرك وتذكَّر كل ما حدث (أثناء الصلب) وإذ بكل شيء ينطفئ".] ويكمّل قائلاً: [اشفق على من يشتمك فإنه خاضع لسيِّد هو شبَح رهيب أي الحَنق، ولشيطان خطير أي الغضب.]
v كان مقتنعًا بأن حياته كلها وأعماله بين اليهود أفضل من أي كلام لدحض شهادة الزور، وأسمى من أي كلام يقوله للرد على الاتهامات.
v على أي الأحوال، فإن يسوع يهاجمه شهود زور في كل وقت. طالما وُجد الشرّ في العالم فهو مُعرَّض للاتِّهامات بصفة دائمة. ومع ذلك فإنه لا يزال صامتًا أمام هذه دون أن يقدّم إجابة مسموعة، بل يضع دفاعه في حياة تلاميذه الحقيقيّين، وتعتبر هذه الحياة شهادة سامية جدًا تسمو فوق كل شهادة زور، وتفنِّد كل الهجمات والتهم التي بلا أساس وتهدمها.
العلاّمة أوريجينوس
4. إطلاق باراباس
بقدر ما تكاتفت قُوى الشرّ معًا ضدّ السيِّد المسيح للتخلُّص منه بالصلب، كان السيِّد وهو يقدّم نفسه فِصحًا عن البشريّة كلها بسرور، يسمح ببركات رمزيّة منظورة أثناء صلبه، كرمز للبركات غير المنظورة. ففي التشاور ضدّه التقت الجماعات الدينيّة المتضاربة معًا تشترك في هذا الهدف الواحد، وكأن بموته يقدّم المصالحة بين المتضارِبين في الفكر والمتخاصِمين ليس فقط بين فئات أُمَّة واحدة، وإنما بين أجناس وألسِنة وأممٍ متنوّعة. وأثناء محاكمته أرسله بيلاطس لهيرودس بكونه واليًا على الجليل، وكان الأخير يشتاق أن يراه فتمَّت مصالحة بين بيلاطس وهيرودس بسبب السيِّد المُقيَّد تحت المحاكمة! وقبْل الصلب مباشرة طلب بيلاطس من الشعب أن يطلق لهم واحدًا في العيد، فصرخوا أن يُصلب يسوع ويُطلِق باراباس الأسير المشهور، فأنقذ السيِّد بموته حياة باراباس!
إذ وقف السيِّد بين يديّ بيلاطس "تعجّب الوالي جدًا" [14]،كما "علم أنهم أسلموه حسدًا" [18]. وإذ أراد الله أن يُرشده حدَّثه خلال زوجته في حُلم، فأرسلت تقول له: "إيّاك وذلك البار، لأني تألّمت اليوم كثيرًا في حُلم من أجله" [19].كان ذلك درسًا ليس لبيلاطس وحده، وإنما لرؤساء الكهنة والشيوخ لكي يروا ويسمعوا غريب الجنس بيلاطس يُعلن براءة السيِّد بغسل يديه قدَّام الجميع. وهو يقول: "إني بريء من دم هذا البار، أبصروا أنتم" [24].
5. آلامه قبيل الصلْب
بعد أن جُلد السيِّد [26] وأُسلِم للصلب، اجتمعت عليه كل الكتيبة، فعرُّوه وألبَسوه رداء قُرمزيًا، وضفروا إكليلاً من الشوك ووضعوه على رأسه، وقصبة في يمينه، وكانوا يجثون قدَّامه ويستهزئون به، قائلين: "السلام يا ملك اليهود"، وبصقوا عليه وأخذوا القصبة وضربوه على رأسه.
كان لابد للسيِّد وهو يقبَل الصلب أن يكشف عن ماهيّة ثمار الشرّ، بكونه نائبًا عن البشريّة يحمل ثمرة شرّهم.
يطلب الإنسان الخطيّة ويسعى إليها من أجل مُتعة وقتيَّة، أو لذّة جسديّة، فأسلم السيِّد جسده للجلد وتعرَّض القدّوس جسديًا للجلدات المُميتة! كان مع كل جلدة تطبع علاماتها على الجسد الرقيق الوديع يرى السيِّد ثقل خطايانا كجلدات أبديّة ليس من يقدر أن يحملها غيره، متقبِّلاً إيّاها عنا. لهذا يقول الرسول: "لأنه جعل الذي لم يعرف خطيّة خطيَّة لأجلنا لنصير نحن برّ الله فيه" (2 كو5 : 21).
الخطيّة في حقيقتها هي ثمر الأنا ego وفي نفس الوقت تضَّخم من الأنا. فالإنسان بأنانيَّته يطلب ما لنفسه من أمور ماديّة أو كرامات أو ملذّات، وهذه بعينها تُشعل بالأكثر حبّه لذاته، فيظن في نفسه أنه مركز الكون كله، يعمل الجميع من أجله. هذا ما أعلنته الحيّة لحواء عند إغوائها: "الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله" (تك 3: 5). لقد أراد الإنسان أن يتألَّه، فتنفتح عيناه ليرى ذاته فوق الجميع، يُسخِّّر كل شيء لذاته! لهذا اجتمعت الكتيبة كلها عليه، وكأنها تُمثل البشريّة كلها أو العالم كلّه، وقد اِلتفُّواحول الخاطي لا ليُكرِّموه ويعملوا لحسابه، وإنما لينزعوا عنه ثيابه ويلبسوه ثوبًا قُرمزيًا للسُخرية، إذ أراد الخاطي أن يُقيم نفسه إلهًا أو ملكًا. بالخطيّة فقد الإنسان إكليل المجد الخفي الذي وهبه الله ليسيطر به على كل الخليقة الأرضيّة، وضفر لنفسه إكليل شوك، هو من صنع الأرض التي لُعنت بسببه. عِوض الصوْلجان الذي قدّمه له الله ليملك على قلبه وأحاسيسه ومشاعره، قبِل أن يملك على الغير سلمته الخطيّة قصبة في يمينه، هو قضيب سُخرية يكشف عن فقدانه السلطان على حياته الداخليّة وكل أفكاره وأحاسيسه، فصار كقصبة تحرّكها الريح! في سُخرية تمسِك الخطيّة بهذا الصولجان المستعار لتضرب به على رأسه، وكأنها تُعلن أن ما حسبه كرامة ومجدًا له، إنّما هو انهيار حتى لرأسه وأفكاره الداخليّة.
ظنّ الإنسان في خطيّته أنه يملك فيجثو له العالم، وإذا بالعالم في سُخرية يجثو ليهزأ به، قائلاً: "السلام يا ملك اليهود"، وكأنه يوبِّخه، قائلاً له: يا من فقدت سلامك الداخلي كيف تطلب سلامًا من الخارج؟! يا من خسرت ملكوتك على نفسك أتريد أن تملك على الآخرين؟!" فما حدث للسيِّد المسيح من آلام وسُخرية إنّما حمل صورة ظاهرة لِما كان يثْقُل على كتفيّ السيِّد، خلال خطايانا التي انحدرت عليه ليدفع عنّا ثمنها في جسده!
6. آلامه أثناء الصلب
انطلق السيِّد يحمل صليبه إلى جبل الجلجثّة أي الجمجمة، ويُقال أنه هناك دُفن آدم. على أي الأحوال، رُفع الصليب في موضع الجمجمة لكي يهب حياة للعظام الجافة الميّتة! لقد حمل عنّا الموت واهبًا إيّانا الحياة! يتحدّث القدّيس كيرلّس الكبير عن حمل السيِّد لصليبه هكذا:
[توجد ضرورة لهذه الحقيقة أن يحمل المسيح مخلّص الجميع الصليب، إذ قيل عنه على لسان إشعياء: "يولد لنا ولد ونُعطى ابنًا وتكون الرئاسة على كتفه" (إش 9: 6). فالصليب هو رئاسته، به صار ملكًا على العالم. وإذ كان هذا حق "أطاع حتى الموت موت الصليب، لذلك رفَعه الله أيضًا وأعطاه اسمًا فوق كل اسم، لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة من في السماء وما على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الأب(في 2: 8).
وأيضًا أظن أنه يلزم مراعاة هذا هنا (أن يحمل الصليب)، لأنه عندما صعد الطوباوي إبراهيم على الجبل الذي رآه ليقدِّم اسحق محرقة كأمر الله وضع الحطب على الابن، وكان ذلك رمزًا للمسيح الحامل صليبه على كتفيه مرتفعًا إلى مجد صليبه. فقد كانت آلام المسيح هي أمجاده كما علَّمنا بنفسه: "الآن تمجّد ابنالإنسان وتمجّد الله فيه" (يو 13: 31).]
وفي الطريق إلى الصلب إذ سقط عدة مرّات تحت ثقل الصليب سخَّروا رجلاً قيروانيًا يسمّى سمعان ليحمل معه صليبه، وكأنه يمثّل كنيسة العهد الجديد التي يلزمها في نضوج الرجولة الروحيّة أن تغتصب الملكوت بشركتها مع السيِّد في صلبه. إنه لمجد عظيم أن ينحني المؤمن ليحمل مع سيّده آلامه، لكي تصير له معرفة اِختبارية بقوة القيامة وبهجتها فيه.
على الصليب "أعطوه خلاً ممزوجًا بمرارة ليشرب، ولما ذاق لم يرِد أن يشرب" [34].كانت هذه هي عادة الرومان في الصلب، يُعطي الخل الممزوج مرارة كنوعٍ من التخدير، فلا يشعر المصلوب بكل ثقل الآلام. لكن السيِّد ذاق المرارة عنّا ورفض أن يشرب الخل حتى يحمل الألم بكماله بإرادته الحرَّة.
إذ صُلب السيِّد اقتسم الجند ثيابه أربعة أقسام، أمّا قميصه الذي كان بلا خياطة منسوجًا كلّه من فوق (يو 19: 23) فقد ألقوا عليه قرعة "لكي يتمّ ما قيل بالنبي: اقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي ألقوا قرعة" [35]، هذا ولم يوجد مع ثيابه أحذية. فمن جهة الثياب المقتسمة إلى أربعة أقسام، فإنها تُشير إلى الكنيسة جسد المسيح الملتصق به، فقد انتشرت في أربعة جهات المسكونة. صارت بين يديّ الجند الرومان، في متناول يد الأمم، يستطيعون التمتّع بالعضويّة فيها.
أمّا القميص الذي بلا خياطة، المنسوج كلّه من فوق، لا يُشق ولا يُقسَّم، فيُشير إلى الكنيسة الواحدة التي يلزم ألا يكون فيها اِنشقاقات أو انقسامات. لقد حرص السيِّد حتى في صلبه ألا يُشق ثوبه، وكأنه كلما دخلت الكنيسة في شركة صليبه، يحرص السيِّد ألا تدخل في انشقاق أو انقسام، لكن للأسف يحدث ذلك حينما توجد الكنيسة في فترة ترف بعيدًا عن الصليب.
لقد كشف الصليب أن ثوبه منسوج من فوق (يو 19: 13)؛ هكذا إذ تدخل الكنيسة دائرة الألم تنكشف طبيعتها السماويّة، أنها منسوجة بيد الله نفسه، هي من عمل روحه القدّوس! هذا ولم يوجد للسيِّد حذاء يخلعه، فقد رأينا في دراستنا سفر الخروج كيف يُشير الحذاء إلى الأعمال الشرّيرة الميّتة، لهذا يخلعه الإنسان عند وقوفه أمام الله في موضع مقدّس كما فعل موسى النبي (خر 3: 5).
بعد إلقاء القرعة على قميصه "جلسوا يحرسونه هناك" [36].لم يكن السيِّد المسيح محتاجًا إلى حراسة، إنه الخالق الذي "به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء ممّا كان". لكنّه خضع بجسده لهذه الحراسة. حقًا لقد سمح السيِّد المسيح بطريقة خفيَّة للعسكر مضطهديه أن يكونوا حُرَّاسًا له على الصليب! إنها صورة مشرقة للعمل الإلهي، إذ يسمح للتجارب المحيطة بالكنيسة جسده المصلوب أن تكون حارسًا لها. التجارب تسند المؤمنين، فيعيشوا بروح التواضع وتزكّيهم! قدر ما يكون الأمر ثمينًا تزداد الحراسة، وقدر ما يعتزّ الله بأولاده وكنيسته يسمح له بالضيقات حتى يعبروا هذه الحياة محفوظين فيه.
"وجعلوا فوق رأسه عِلَّتِه مكتوبة: هذا هو يسوع ملك اليهود"...
لقد تُوِّج الملك بالصليب! وكما تقول الكنيسة في سفر نشيد الأناشيد: "اُخرجْن يا بنات صهيون، وانظرْن الملك سليمان بالتاج الذي توَّجته به أُمِّه في يوم عرسه وفي يوم فرح قلبه" (نش3: 11). أنها تدعو النفوس المؤمنة أن تخرج عن ذاتها وتتطلّع إلى ملكها واهب السماء، لتدخل معه خلال الصليب إلى عرسه وتنعم بالفرح القلبي الأبدي!
"حينئذ صلبوا معه لصَّان، واحد عن اليمين، وواحد عن اليسار" [38].
جلس المعلّمون اليهود على الكراسي يعلِّمون كمن هم من فوق، يوبِّخون وينتهرون، يخشون على أنفسهم لئلا يمسّوا نجسًا فيتنجَّسوا، أمّا السيِّد فقدَّم مفهومًا جديدًا للتعليم، إذ ترك الكرسي ليُحصى بين الأثمة والمجرمين، يدخل في وسطهم ويشاركهم آلامهم حتى الصليب ويقبل تعييراتهم، معلنًا حُبّه العملي لكي ينطلق بهم إلى حضن أبيه. لقد صُلب مع اللصّين ولأجلهما، حتى إن أراد أحدهما يقدر أن يقبَله داخله ملكًا حقيقيًا يرتفع به إلى فردوسه، قائلاً له: "اليوم تكون معه في الفردوس".
7. الاستهزاء به
تكاتفت كل قوى الشرّ ضدّ السيِّد المسيح لتقديم أمرّ صورة للصليب فقد "كان المجتازون يجدّفون عليه وهم يهزُّون رؤوسهم، قائلين: يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام، خلِّص نفسك؛ إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب" [40].
فقد المجتازون به اتّزانهم، وصاروا يهزّون رؤوسهم علامة السُخرية به، وكانوا يجدّفون عليه، قائلين: "يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام، خلِّص نفسك". ولم يُدركوا أنهم هم الذين يبذلون كل الجهد لنقض هيكل جسده، إنّما يشهدون له بأنه سبق فأعلن عن قيامته مقدَّمًا، فصار المجدِّفون شهود حق لعمله الخلاصي وحياته المقامة، لقد طلبوا منه أن يخلِّص نفسه ولم يُدركوا أنه إنّما يخلِّصهم بقيامته، يقوم فيُقيمهم.
لعلّ الشيطان بدأ يتحسَّس خطورة الصليب، فارتعب واشتهى أن ينزل السيِّد عن صليبه، لكن فات الأوان، فأثار المجدّفين ليطلبوا منه: "إن كنت ابن الله فاِنزل عن الصليب". ازداد تخوُّفه فأثار أيضًا رؤساء الكهنة مع الكتبة والشيوخ ليسألوه إن كان يقدر أن ينزل عنه، قائلين: "خلَّص آخرين، وأما نفسه فما يقدر أن يخلِّصها. إن كان هو ملك إسرائيل، فلينزل الآن عن الصليب، فنؤمن به" [42].لقد ركّز الشيطان في هذه اللحظات على نزوله من الصليب، حتى اللصان أيضًا كانا يعيِّرانه [44] لعلّه ينزل.
8. ظُلمة على الأرض
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوستين21
عضو ملكى
عضو ملكى
يوستين21


عدد الرسائل : 1043
العمل/الترفيه : مراقب مالى
المزاج : هادى
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى   تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Emptyالأربعاء يوليو 02, 2008 4:58 pm

. ظُلمة على الأرض
"ومن الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة" [45].
سادت الظلمة على كل الأرض، إعلانًا عن سلطانها الذي ساد على العالم منذ لحظة السقوط، وقد تركه السيِّد يسود إلى حين إذ يقول: "هذه ساعتكم وسلطان الظلمة" (لو 22: 53). ترك السيِّد للظلمة السلطان إلى ساعة لكي إذ تحاول أن تقتنص النور في شباكها يحطِّم - النور - الظلمة ويفسد شباكها.
جاءت الساعة قبل تسليم السيِّد روحه، وكأن السيِّد قد أعطى للجحيم فرصته أن يستقبل روحه، وهو لا يدري أنه وحده القادر أن يُحطِّم أبوابه، ليحتضن الذين رقدوا على الرجاء، ويحملهم كغنائم مقدّسة يدخل بهم إلى الفردوس.
اهتم الأنبياء بالتنبُّؤ عن ساعة الظلمة هذه، وكما جاء في القدّيس كيرلّس الأورشليمي: [يقول زكريا: "ويكون في ذلك اليوم أنه لا يكون نور..." ثم يقول النبي: "ويكون يوم واحد معروف للرب" (زك 14: 6-7). هل يجهل الرب الأيام الأخرى؟ حاشا... فالأيام كثيرة ولكن "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب" (مز 118: 24) بصبره على الآلام. إذن، فماذا عسى أن يكون؟ هذا ما يفسِّره الإنجيل عندما يَروي لنا أنه لم يكن نهارًا عاديًا تشرق فيه الشمس كعادتها من الشرّوق إلى الغروب، ولكن من الساعة السادسة كانت ظلمة في نصف النهار حتى الساعة التاسعة. والظلمة يفسِّرها الله بقوله "والظلمة دعاها الله ليلاً" (تك 1: 5). ولهذا لم يكن نهارًا ولا ليلاً إذ لم يكن نورًا كلّه حتى يسمَّى نهارًا، ولا ليلاً كلّه حتى يسمَّى ليلاً، ولكن الشمس أشرقت بعد الساعة التاسعة. وعن هذا يتنبَّأ النبي أيضًا، قائلاً: "بل يحدث أنه في وقت المساء يكون نور" (زك 14: 7). تأمّل إلى أي مدى بلغت الدقّة وكيف تحقّقت. ويحدّد عاموس النبي اظلام الشمس... ليته يقول هذا لليهود الذي يصُمُّون آذانهم... يقول: "ويكون في ذلك اليوم، يقول السيِّد الرب إني أغيب الشمس في الظهر"، لأن الظلمة كانت من الساعة السادسة...، "وأُقتم الأرض في يوم نور" (عا 8: 9)، كما يحدّد أيضًا الموسم الذي يتمّ فيه ذلك فيقول: "وأحوِّل أعيادكم نوحًا"، لأن المسيح قد صلب في أيام الفطير في عيد الفِصح. وبعد ذلك يقول: "وأجعلها كمناحة الوحيد وآخرها يوم مرّ" (عا 8: 10)، لأنه في عيد الفِصح بكّت النسوة وانتحبْن، والرسل كذلك اِختبأوا وكانوا في مرارة المرّ.]
ويقول القدّيس كيرلّس الكبير: [كانت هذه علامة واضحة لليهود أن أذهان صالبيه قد اِلتحفت بالظلمة الروحيّة، إذ حدث عَمى جزئي لإسرائيل (رو 11: 25)، وقد وبّخهم (لعنهم) داود في محبّته لله قائلاً: "لتظلمّ عيونهم فلا ينظروا" (مز 69: 23). نعم، انتحبت الخليقة ذاتها ربّها، إذ أظلمت الشمس وتشقّقت الصخور وبدا الهيكل نفسه كمن قد اكتسى بالحزن، إذ انشقَّ الحجاب من أعلى إلى أسفل. وهذا ما عناه الله على لسان إشعياء: "أُلبس السموات ظلامًا، وأجعل المسح غطاءها" (إش 50: 3).]
9. صراخه وتسليمه الروح
"ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم، قائلاً:
إيلي إيلي لما شبقتني؟!
أي إلهي إلهي لماذا تركتني؟!
فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا:
إنه ينادي إيليّا.
وللوقت ركض واحد منهم، وأخذ إسفنجة وملأها خلاً، وجعلها على قصبة وسقاه.
وأما الباقون فقالوا: أتركه، لنرى هل يأتي إيليّا يخلّصه؟!
فصرخ يسوع أيضًا بصوت عظيم، وأسلم الروح" [46-50].
إنه كممثّل للبشريّة التي سقطت تحت سلطان الظلمة يصرخ في أنين من ثقلها كمن هو في حالة ترك، قائلاً: "إلهي إلهي لماذا تركتني؟" فإذ أحنَى السيِّد رأسه ليحمل خطايا البشريّة كلها صار كمن قد حجب الآب وجهه عنه، حتى يحكم سلطان الخطيّة بدفع الثمن كاملاً، فيعود بنا إلى وجه الآب الذي كان محتجبًا عنّا.
ولعلّه بصرخته هذه أراد أن يوقظ الفكر اليهودي من نومه ليعود إلى المزمور الثاني والعشرين الذي بدأ بهذه الصرخة معلنًا في شيء من التفصيل أحداث الصلب. وكأنه أراد تأكيد أن ما يحدث هو بتدبيره الإلهي السماوي، سبق فأعلن عنه الأنبياء.
10. انشقاق الحجاب
إذ أسلم السيِّد المسيح روحه انشقَّ حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل [51]، وكان في ذلك إعلانًا لما سبق فقال "انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أُقيمه" (يو 2: 19). ما حدث في الهيكل اليهودي قد تحقّق في جسده المقدّس لكي يقيمه في اليوم الثالث. انشقاق حجاب الهيكل كان فيه إشارة إلى جحود اليهود للمسيّا ورفضهم لعمله الخلاصي فصاروا مرفوضين، وكما يقول القدّيس كيرلّس الأورشليمي: [لم يترك منه جزء إلا وانشقَّ، لأن السيِّد قال: هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا" (مت 23: 38).]
انشقاق الحجاب الذي يفصل قدس الأقداس عن القدس يكشف عن عمل السيِّد المسيح الخلاصي، إذ بموته انفتح باب السماوات للمرَّة الأولى لكي بدالة ندخل قدس الأقداس الإلهيّة خلال اتّحادنا بالسيِّد. يقول القدّيس جيروم أن مفارقة نعمة الله للهيكل القديم فتحت الباب للأمم وأقامت الهيكل الجديد، كما يقول: [إن يوسيفوس نفسه الكاتب اليهودي يؤكّد أنه في وقت صلب الرب خرج من الهيكل أصوات قوَّات سمائيَّة تقول: لنرحل من هنا.]
انشق حجاب الهيكل اليهودي وتزلزلت الأرض، أي اِنهار الفكر المادي اليهودي في العبادة وتزلزل الفكر الأرضي، لكي لا يعيش المؤمن بعد يطلب الأرضيّات، بل ينطلق نحو السماويات. بموت السيِّد يتزلزل إنساننا العتيق الأرضي داخل مياه المعموديّة، وننعم بالإنسان الجديد المقام من الأموات، لهذا: "القبور تفتَّحت، وقام كثير من أجساد القدّيسين الراقدين، وخرجوا من القبور بعد قيامته، ودخلوا المدينة المقدّسة، وظهروا لكثيرين" [52-53].ما حدث أثناء الصلب كحقيقة واقعة لمسها الذين كانوا في أورشليم يتحقّق في حياة المؤمن حين يقبل الصليب مع السيِّد المسيح في مياه المعموديّة. إنه يزلزل أرضه الداخليّة ويشقِّق صخوره ويفتح القبر المقدّس لينعم بالقيامة مع السيِّد حاملاً الحياة الجديدة.
هذا وقيامة الكثير من أجساد القدّيسين الراقدين إنّما حمل تأكيدًا لقيامتنا ليس فقط روحيًا ولكن أيضًا جسديًا في يوم الرب العظيم. وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [عندما أسلم الروح أظهر أنه مات لأجل قيامتنا إذ عمل في نطاق القيامة.]
أما ثمر هذه الأحداث فقد أوضحه الإنجيلي بقوله: "وأما قائد المئة والذين معه يحرسون يسوع فلما رأوا الزلزلة وما كان خافوا جدًا، وقالوا: حقًا كان هذا ابن الله" [54].لقد كانوا يمثِّلون كنيسة الأمم التي قبلت الإيمان بالمسيح خلال عمل الصليب.
11. دفن السيِّد
"ولما كان المساء جاء رجل غني من الرامة اسمه يوسف،
وكان هو أيضًا تلميذًا ليسوع.
فهذا تقدّم إلى بيلاطس وطلب جسد يسوع،
فأمر بيلاطس حينئذ أن يُعطي الجسد،
فأخذ يوسف الجسد ولفَّه بكتَّان نقي،
ووضعه في قبره الجديد الذي كان قد نحته في الصخرة،
ثم دحرج حجرًا كبيرًا على باب القبر ومضى" [57-60].
لم نكن نسمع عن القدّيس يوسف الرامي من قبل، إذ كان تلميذا للسيِّد خِفية لسبب الخوف من اليهود (يو 19: 38)، لكنّه ظهر في لحظات المحنة ومعه نيقوديموس (يو 19: 39)عندما تخلَّى الكل عن المصلوب، فتقدّم الأول بشجاعة لبيلاطس يطلب الجسد المقدّس، فنال هذه الكرامة العظيمة أن يدخل بالجسد المقدّس إلى قبره الجديد الذي صار أقدس موضع على الأرض. في لحظات الضيق والألم يظهر القدّيسون، فبينما تجف الأوراق الصفراء من حرارة الشمس تزداد الأوراق الخضراء حيويّة! شمس التجارب التي تحرق العشب هي بعينها التي تهب الثمار نضوجًا.
نحت القدّيس يوسف لنفسه قبرًا في صخرة، ولو فضل نفسه عن سيّده لصار هذا القبر في نظر اليهود يمثّل النجاسة كسائر القبور، من يقترب إليه يبقى دنسًا طول يومه حتى يتطهّر، ولتحوّل القبر إلى موضعٍ يضم عظامًا نتنة وفسادًا، لا يسكنه أحد من الأحياء اللهُم إلا من تسلّطت عليهم الأرواح النجسة أو أُصيبوا بالبرص. لكنّه إذ قدّمه للسيِّد المسيح "الصخرة الحقيقيّة"، صار كنيسة مقدّسة يحج إليها المؤمنون من كل العالم عبر العصور، وموضع شهادة للنصرة على الموت وإعلانًا عن قوّة القيامة وبهجتها.
لقد سبق فأعلن الأنبياء عن دفنه أيضًا، فيقول إشعياء النبي: "ضُرب من أجل ذنب شعبي، وجعل مع الأشرار قبره ومع غنى عند موته" (إش 53: 8-9). كما يقول: "انظروا إلى الصخرة الذي منه قُطعتُم" (إش 51: 1)، أمّا عن باب القبر فيقول إرميا النبي: "قرضوا في الجُب حياتي وألقوا عليّ حجارة" (مرا 3: 53).
v فتأمّل كيف أن حجر الزاوية المختار الكريم يرقد قليلاً خلف الحجارة، وهو حجر العثرة لليهود وصخر الخلاص للمؤمنين. لقد زُرعت شجرة الحياة في الأرض، حتى أن الأرض التي لُعنت تتمتّع بالبركة وقيامة الأموات.
القدّيس كيرلّس الأورشليمي
v لم يُدبّر هذا الأمر جزافًا، وإنما وُضع الجسد في قبر جديد لم يكن قد وضع فيه أحد، حتى لا يظن أن القيامة قد صارت لآخر موضوع معه. وحتى يتمكن تلاميذه من أن يجيئوا بأيسر طريقة ويعاينوا ما سيحدث، ولكي يكون لدفنه شهود، ليس لهؤلاء فقط ولكن للأعداء أيضًا معه، بوضعهم الأختام على قبره وإقامة جنود يحرسونه كشهود لدفنه.
القدّيس يوحنا الذهبي الفم
v كان يوسف ونيقوديموس قد أحضرا حنوطًا كثيرة لكثرة محبّتهما للمسيح. في هذا أيضًا أسرار إلهيّة، حتى إذا قام المسيح وخرج من هذه الحنوط مع شدة التصاقه بالأكفان تكون تلك آية عظيمة. وحقًا إنه لأمر عظيم أن الأكفان وُجدت بمفردها وكذلك المنديل، وذلك حتى لا يقول الخصوم أن تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه فإن من يأتي ليسرقه لا يُمهله الوقت والخوف حتى يفصل المسروق من هذه الحنوط، ولا أن يجعل الأكفان بمفردها، والمنديل منفردًا، مع أن التصاقهما بالحنوط مانع له في مثل ذلك الوقت.
القدّيس بطرس السدمنتي
v لما كان السيِّد قد وُلد من مستودع جديد طاهر لم يتقدّمه فيه غيره، حسن دفنه في قبر جديد لم يوضع فيه غيره.
v أمّا كونه في بستان، فهو رمز إلى خلاص آدم الذي مات موت الخطيئة في بستان، فدُفن السيِّد في مثيله ليُزيل تبعة الجناية عنه، ويردّه إليه ثانية. ولمعنى آخر حتى يصير مؤكِّدًا أنه الذي قام لا غيره، لا سيما أن البستان لم يكن مقبرة، وإنما تقدّم يوسف فنحت هذا القبر بالإلهام في الموضع الذي لم يكن مشهورًا بالدفن.
القدّيس بطرس السدمنتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوستين21
عضو ملكى
عضو ملكى
يوستين21


عدد الرسائل : 1043
العمل/الترفيه : مراقب مالى
المزاج : هادى
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى   تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Emptyالأربعاء يوليو 02, 2008 4:58 pm

12. ختم القبر
اجتمع رؤساء الكهنة والفرّيسيّون مع بيلاطس، قائلين له: "يا سيّد، قد تذكّرنا أن ذلك المضلّ قال وهو حيّ إني بعد ثلاثة أيام أقوم، فمُر بضبط القبر إلى اليوم الثالث لئلا يأتي تلاميذه ليلاً ويسرقوه ويقولوا للشعب أنه قام من الأموات، فتكون الضلالة الأخيرة أشرّ من الأولى" [63-64].
كان التصرّف بما يحمله من روح الحسد والكراهيّة نحو شخص السيِّد المسيح يقدّم شهادة حيّة من الأعداء أمام المسئولين الغرباء بأنه سبق فتحدّث عن القيامة. وكأن قيامة السيِّد ليست أمرًا غير متوقِّع بل سبق فأعلنه الرب كتهيئة للأذهان. بهذا التصرّف أشاعوا بالأكثر أمر قيامة السيِّد، وجعلوا منها حقيقة لا يُشك فيها، فقد حوصر القبر باليهود والأمم، بالحرَّاس كما بالختم.
v لو كان الجند وحدهم هم الذين ختموا القبر لأمكنهم القول بأن الجند سمحوا بسرقة الجسد وأن التلاميذ اختلقوا فكرة القيامة ودبَّروها.
القدّيس يوحنا الذهبي الفم
1 و لما كان الصباح تشاور جميع رؤساء الكهنة و شيوخ الشعب على يسوع حتى يقتلوه
2 فاوثقوه و مضوا به و دفعوه الى بيلاطس البنطي الوالي
3 حينئذ لما راى يهوذا الذي اسلمه انه قد دين ندم و رد الثلاثين من الفضة الى رؤساء الكهنة و الشيوخ
4 قائلا قد اخطات اذ سلمت دما بريئا فقالوا ماذا علينا انت ابصر
5 فطرح الفضة في الهيكل و انصرف ثم مضى و خنق نفسه
6 فاخذ رؤساء الكهنة الفضة و قالوا لا يحل ان نلقيها في الخزانة لانها ثمن دم
7 فتشاوروا و اشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء
8 لهذا سمي ذلك الحقل حقل الدم الى هذا اليوم
9 حينئذ تم ما قيل بارميا النبي القائل و اخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنوه من بني اسرائيل
10 و اعطوها عن حقل الفخاري كما امرني الرب
11 فوقف يسوع امام الوالي فساله الوالي قائلا اانت ملك اليهود فقال له يسوع انت تقول
12 و بينما كان رؤساء الكهنة و الشيوخ يشتكون عليه لم يجب بشيء
13 فقال له بيلاطس اما تسمع كم يشهدون عليك
14 فلم يجبه و لا عن كلمة واحدة حتى تعجب الوالي جدا
15 و كان الوالي معتادا في العيد ان يطلق للجمع اسيرا واحدا من ارادوه
16 و كان لهم حينئذ اسير مشهور يسمى باراباس
17 ففيما هم مجتمعون قال لهم بيلاطس من تريدون ان اطلق لكم باراباس ام يسوع الذي يدعى المسيح
18 لانه علم انهم اسلموه حسدا
19 و اذ كان جالسا على كرسي الولاية ارسلت اليه امراته قائلة اياك و ذلك البار لاني تالمت اليوم كثيرا في حلم من اجله
20 و لكن رؤساء الكهنة و الشيوخ حرضوا الجموع على ان يطلبوا باراباس و يهلكوا يسوع
21 فاجاب الوالي و قال لهم من من الاثنين تريدون ان اطلق لكم فقالوا باراباس
22 قال لهم بيلاطس فماذا افعل بيسوع الذي يدعى المسيح قال له الجميع ليصلب
23 فقال الوالي و اي شر عمل فكانوا يزدادون صراخا قائلين ليصلب
24 فلما راى بيلاطس انه لا ينفع شيئا بل بالحري يحدث شغب اخذ ماء و غسل يديه قدام الجمع قائلا اني بريء من دم هذا البار ابصروا انتم
25 فاجاب جميع الشعب و قالوا دمه علينا و على اولادنا
26 حينئذ اطلق لهم باراباس و اما يسوع فجلده و اسلمه ليصلب
27 فاخذ عسكر الوالي يسوع الى دار الولاية و جمعوا عليه كل الكتيبة
28 فعروه و البسوه رداء قرمزيا
29 و ضفروا اكليلا من شوك و وضعوه على راسه و قصبة في يمينه و كانوا يجثون قدامه و يستهزئون به قائلين السلام يا ملك اليهود
30 و بصقوا عليه و اخذوا القصبة و ضربوه على راسه
31 و بعدما استهزاوا به نزعوا عنه الرداء و البسوه ثيابه و مضوا به للصلب
32 و فيما هم خارجون وجدوا انسانا قيروانيا اسمه سمعان فسخروه ليحمل صليبه
33 و لما اتوا الى موضع يقال له جلجثة و هو المسمى موضع الجمجمة
34 اعطوه خلا ممزوجا بمرارة ليشرب و لما ذاق لم يرد ان يشرب
35 و لما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها لكي يتم ما قيل بالنبي اقتسموا ثيابي بينهم و على لباسي القوا قرعة
36 ثم جلسوا يحرسونه هناك
37 و جعلوا فوق راسه علته مكتوبة هذا هو يسوع ملك اليهود
38 حينئذ صلب معه لصان واحد عن اليمين و واحد عن اليسار
39 و كان المجتازون يجدفون عليه و هم يهزون رؤوسهم
40 قائلين يا ناقض الهيكل و بانيه في ثلاثة ايام خلص نفسك ان كنت ابن الله فانزل عن الصليب
41 و كذلك رؤساء الكهنة ايضا و هم يستهزئون مع الكتبة و الشيوخ قالوا
42 خلص اخرين و اما نفسه فما يقدر ان يخلصها ان كان هو ملك اسرائيل فلينزل الان عن الصليب فنؤمن به
43 قد اتكل على الله فلينقذه الان ان اراده لانه قال انا ابن الله
44 و بذلك ايضا كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه
45 و من الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الارض الى الساعة التاسعة
46 و نحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني اي الهي الهي لماذا تركتني
47 فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا انه ينادي ايليا
48 و للوقت ركض واحد منهم و اخذ اسفنجة و ملاها خلا و جعلها على قصبة و سقاه
49 و اما الباقون فقالوا اترك لنرى هل ياتي ايليا يخلصه
50 فصرخ يسوع ايضا بصوت عظيم و اسلم الروح
51 و اذا حجاب الهيكل قد انشق الى اثنين من فوق الى اسفل و الارض تزلزلت و الصخور تشققت
52 و القبور تفتحت و قام كثير من اجساد القديسين الراقدين
53 و خرجوا من القبور بعد قيامته و دخلوا المدينة المقدسة و ظهروا لكثيرين
54 و اما قائد المئة و الذين معه يحرسون يسوع فلما راوا الزلزلة و ما كان خافوا جدا و قالوا حقا كان هذا ابن الله
55 و كانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعيد و هن كن قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه
56 و بينهن مريم المجدلية و مريم ام يعقوب و يوسي و ام ابني زبدي
57 و لما كان المساء جاء رجل غني من الرامة اسمه يوسف و كان هو ايضا تلميذا ليسوع
58 فهذا تقدم الى بيلاطس و طلب جسد يسوع فامر بيلاطس حينئذ ان يعطى الجسد
59 فاخذ يوسف الجسد و لفه بكتان نقي
60 و وضعه في قبره الجديد الذي كان قد نحته في الصخرة ثم دحرج حجرا كبيرا على باب القبر و مضى
61 و كانت هناك مريم المجدلية و مريم الاخرى جالستين تجاه القبر
62 و في الغد الذي بعد الاستعداد اجتمع رؤساء الكهنة و الفريسيون الى بيلاطس
63 قائلين يا سيد قد تذكرنا ان ذلك المضل قال و هو حي اني بعد ثلاثة ايام اقوم
64 فمر بضبط القبر الى اليوم الثالث لئلا ياتي تلاميذه ليلا و يسرقوه و يقولوا للشعب انه قام من الاموات فتكون الضلالة الاخيرة اشر من الاولى
65 فقال لهم بيلاطس عندكم حراس اذهبوا و اضبطوه كما تعلمون
66 فمضوا و ضبطوا القبر بالحراس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوستين21
عضو ملكى
عضو ملكى
يوستين21


عدد الرسائل : 1043
العمل/الترفيه : مراقب مالى
المزاج : هادى
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى   تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Emptyالأربعاء يوليو 02, 2008 4:59 pm

الاصحاح الثامن والعشرون
الملكوت حَياة مقَامة

يختم القدّيس متّى إنجيله بالحديث عن قيامة السيِّد المسيح بكونها سرّ الملكوت: 1. القبر الفارغ 1 ـ 10. 2. رشوة الجند 11 ـ 15. 3. لقاء في الجليل 16 ـ 20.
1. القبر الفارغ

"وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدليّة ومريم الأخرى لتنظرا القبر" [1]. ما أن انتهى السبت حتى انطلقت مريم المجدليّة ومريم الأخرى التي هي زوجة كلوبا لتنظرا القبر. لقد جذبهما الحب إلى القبر ليلتقيا بالسيِّد المسيح المصلوب. لقد قدَّما ما أمكن لهما فعله، هذا من جانبهما، أمّا من جانب الله نفسه فقد قدّم لهما "الحياة المُقامة" في شخص السيِّد المسيح القائم من الأموات. من أجلهما كممثّلين لكنيسة الأمم واليهود، أرسل الله ملاكه، فحدثت زلزلة ودحرج الحجر ليجلس، يرعب الحراس ويستقبل المرأتين. حينما يقدّم الإنسان عملاً بسيطًا من القلب كزيارة المرأتين للقبر يجد الله قد عمل أمورًا فائقة.
لقد تمّت القيامة بعد السبت، في فجر الأحد، ولم ينتظر السيِّد حتى ينتهي الأحد (اليوم الثالث)، وذلك كما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [لو أنه قام عقب انصراف الحراس بعد اليوم الثالث كان لهم ما يقولون وما يقاومون به ويعاندون. لذلك بادر وسبق فقام، لأنه كان يلزم أن يقوم وهم بعد يحرسون.] "وإذا زلزلة عظيمة حدثت،
لأن ملاك الرب نزل من السماء وجاء،
ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه،
وكان منظره كالبرق ولِباسه أبيض كالثلج.
فمن خوفه ارتعد الحراس وصاروا كأموات" [2-4].
تمّت القيامة بقوة سلطانه، هذا الذي في طاعة أسلم أمره في يد أبيه ليقبل الموت ويقبل القيامة، مع أنه قال "لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضًا" (يو 10: 18). بسلطان قام والحجر قائم كما هو مختوم، وكما يقول الأنبا بولس البوشي: [قام الرب والحجر مختوم على باب القبر، كما وُلد من البتول وهي عذراء كنبوّة حزقيال... أمّا دحرجة الملاك للحجر عن باب القبر، فلكي تُعلَن القيامة جيدًا، إذ بقيَ الحجر يُظن أن جسده في القبر.]
لقد حدثت زلزلة ونزل ملاك الرب ليدحرج لنا الحجر من الباب ويجلس عليه. هكذا حدثت القيامة في حياتنا الداخليّة، فهدمت إنساننا القديم وقدّمت لنا - خلال مياه المعموديّة - الحياة المقامة، أو الإنسان الجديد على صورة خالقه. بالقيامة نزل السمائيّون إلينا يدحرجون الحجر الذي أغلق باب قبورنا، فنلتقي معهم في شركة حب وأخوة خلال المسيح القائم من الأموات.

v
كما أنه عند تسليمه الروح زلزل الأرض، هكذا عند قيامته زلزلها أيضًا ليُعلن أن الذي مات هو الذي قام. الأنبا بولس البوشي
v
الملائكة التي قدّمت الأخبار السارّة لرعاة بيت لحم الآن تُخبر بقيامته. السماء بكل خدمتها تخبر عنه، طغمات الأرواح العلويّة تُعلن عن الابن أنه الله حتى وهو في الجسد. القدّيس كيرلّس الكبير
نزل الملاك يكرز بالبشارة بقيامة السيِّد، يُرهب الحراس ويرعدهم حتى صاروا كالأموات، ويُبهج قلب الكنيسة في شخص المرأتين، إذ قال لهما: "لا تخافا أنتما، فإني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب! ليس هو ههنا لأنه قام كما قال. هلمّا انظرا الموضع الذي كان الرب مضطجعًا فيه" [5-6]. لقد قدّم لهما عطيّة إلهيّة: "لا تخافا". أمّا سرّ عدم خوفهما، أي تمتّعهما بالسلام، فهو أن يسوع المسيح المصلوب قد قام! ما كان يمكن أن يبقى في القبر، فلا يستطيع الموت أن يحبسه ولا الفساد أن يلحق به. من يتّحد به لا يمكن للموت أن يقترب إلى نفسه، فلا مجال للخوف، إنّما تحل به بهجة القيامة بلا توقف.
يقول القدّيس كيرلّس الأورشليمي على لسان الملاك: [لا أقول للحراس لا تخافوا، بل أقول لكما أنتما. أمّا هم فليخافوا حتى يلمسوا بأنفسهم، وعندئذ يشهدون، قائلين: "بالحقيقة كان هذا ابن الله" (مت 27: 54). أمّا أنتما فلا تخافوا لأن "المحبّة تطرح الخوف خارجًا" (1يو4: 18).]
يدعو الملاك السيِّد المسيح بيسوع المصلوب مع أنه قام، فإن الصلب قد صار سِمة خاصة بالسيِّد كعمل خلاصي يعبّر فوق كل حدود الزمن، إنه يبقى المسيّا المصلوب القائم من الأموات. فالقيامة لم تنزع عن السيِّد سِمة الصلب بل أكَّدتها وكشفت مفهومها.

v
لم يقل الملاك: إني أعلم أنكما تطلبان سيدي، بل في مجاهرة قال: "إني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب"، لأن الصليب تاج لا عار! القدّيس كيرلّس الأورشليمي
قدّم الملاك لهما رسالة للكرازة بالقيامة بين التلاميذ: "اذهبا سريعًا، قولا لتلاميذه أنه قد قام من الأموات، ها هو يسبقكم إلى الجليل، هناك ترونه" [7].
بهذه الرسالة السماويّة اِستعادت المرأة كرامتها، فبعد أن كرزت لآدم قديمًا برسالة الهلاك في الفردوس، ها هي تكرز ببشارة القيامة للتلاميذ!

v
هذه التي كانت قبلاً خادمة للموت قد تحرّرت الآن من جريمتها بخدمة صوت الملائكة القدّيسين، وبكونها أول كارز بالأخبار الخاصة بسرّ القيامة المبهج. القدّيس كيرلّس الكبير
العجيب أنهما إذ انطلقتا للكرازة بفرحٍ عظيمٍ مع مخافة التقتا بالسيِّد المسيح يعطيهما السلام ويسمح لهما أن تمسَّكا بقدميه وتسجدا له، وكأنه إذ ينطلق الإنسان للخدمة والكرازة بفرحٍ حقيقيٍ يتجلّى الله في داخله ويقدّم له ذاته لكي يتلامس معه، ويتعبّد له، ويسنده في الكرازة. "خرجتا سريعًا من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتُخبرا تلاميذه،
وفيما هما منطلقتان لتُخبرا تلاميذه إذا يسوع لاقاهما، وقال: سلام لكما.
فتقدّمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له.
فقال لهما يسوع: لا تخافا،
اذهبا قولا لإخوتي أن يذهبوا إلى الجليل هناك يرونني" [8-10].
2.رشوة الجند
"وفيما هما ذاهبتان إذ قوم من الحراس جاءوا إلى المدينة،
وأخبروا رؤساء الكهنة بكل ما كان.
فاجتمعوا مع الشيوخ،
وتشاوروا وأعطوا العسكر فضّة كثيرة، قائلين:
قولوا أن تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه ونحن نيام.
وإذ سُمع ذلك عند الوالي فنحن نستعطفه ونجعلكم مطمئنّين.
فأخذوا الفضّة وفعلوا كما أعلموهم.
فشاع هذا القول عند اليهود إلى هذا اليوم" [11-15].
يا للعجب ذهب رؤساء الكهنة والفرّيسيّون إلى بيلاطس الأممي يقولون عن السيِّد أنه المُضل قد سبق فأعلن عن قيامته (مت 27: 63). عِوض كرازة اليهود للأمم بالمسيّا تقدّموا لهم يكرزون بالعصيان والجحود. كأنهم قد أغلقوا على أنفسهم باب الإيمان لينفتح للأمم. الآن إذ قام السيِّد جاء الجند الرومان يشهدون للقيامة لدى قادة اليهود، وللأسف لم يقبلوا شهادتهم، بل قدّموا رشوة ليشتركوا معهم في التضليل وإنكار القيامة.
ما فعله هؤلاء كان بالأكثر يؤكّد القيامة، إذ شاع الخبر أن الجسد ليس في القبر، أمّا أمر السرقة فهو غير مقبول. إذ كيف عرف الجند أن الرسل قد سرقوه؟! ولماذا سرقوه يوم السبت الذي لا يجوز فيه العمل؟! وهل يستطيع الرسل العُزل أن يسرقوه من الجند؟ وما الحاجة إلى ذلك؟!
3. لقاء في الجليل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يوستين21
عضو ملكى
عضو ملكى
يوستين21


عدد الرسائل : 1043
العمل/الترفيه : مراقب مالى
المزاج : هادى
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى   تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى - صفحة 5 Emptyالأربعاء يوليو 02, 2008 5:01 pm

لقاء في الجليل
"وأما الأحد عشر تلميذًا فانطلقوا إلى الجليل حيث أمرهم يسوع،
ولما رأوه سجدوا له، ولكن بعضهم شكوا.
فتقدّم يسوع وكلّمهم قائلاً:
دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض،
فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس،
وعلِّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيْتكم به.
وها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر. آمين" [16-20].
التقى السيِّد بالأحد عشر تلميذًا في الجليل ليقدّم لهم بعد قيامته سلطان الكرازة، التلمذة على مستوى كل الأمم والتعميد، مؤكِّدًا لهم وجوده في وسطهم إلى انقضاء الدهر. كان موضع اللقاء هو "الجليل" أي "الإعلان"، إذ لا يمكن للخادم أن يكرز أو يُتلمذ للرب أو يُعمدّ ما لم يُعلن الرب ذاته في داخله، فيذوق ويختبر، فيقدّم ليس من عنديَّاته وإنما ما يعلنه الرب له.

v
بعد قيامته رُؤي يسوع على الجبل في الجليل، هناك سجدوا له، ولكن بعضهم شكُّوا، وشكِّهم هذا زوَّد إيماننا. القدّيس جيروم
ولعلّ اختيار الجليل كموضع لقاء للتلاميذ مع السيِّد المسيح القائم يعني تجديد العهد، ففي الجليل اختار السيِّد غالبيّة تلاميذه وبعثهم للعمل الكرازي، وإذ ضعفوا أثناء أحداث الصليب ردَّهم إلى ذات الموضع يهبهم قوّة قيامته ليبدأوا من جديد، حاملين إمكانيّات جديدة.
إذ جاء السيِّد إلينا كنائبٍ عنّا، تمتّع بكل سلطانٍ لحسابنا، قائلاً: "دُفع إليّ كل سلطان، في السماء وعلى الأرض"، وكأنه يوَد أن يقدّم كل ما لديه لرسله، فيحملون سلطانه خلال عملهم في كرْمة كوُكلاء عنه! لقد وهبهم السلطان الإلهي بروحه القدّوس الناري، وكما يقول القدّيس كيرلّس الكبير: [نعم، انظروا، فإن النار المقدّسة الإلهيّة قد انتشرت في كل الأمم بواسطة كارزين قدّيسين.ٍ]
لقد ركّز على عطيّة العماد مع الكرازة والتلمذة، وكما يقول القدّيس جيروم: [بعد قيامته أيضًا إذ أرسلهم للأمم أوصاهم أن يعمّدوهم في سرّ الثالوث.]
إذ سلَّم التلاميذ رسالة الكرازة والتلمذة والتعميد، قدّم ذاته حاضرًا في وسط الكنيسة يعمل بنفسه خلالهم:

v
إذ وضع على عاتقهم عملاً عظيمًا هكذا... قال "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر"، وكأنه يقول: لا تقولوا أن العمل المُلقى عليكم صعب، فإنّني أنا الذي أستطيع كل شيء بسهولة معكم. لم يقل أنه يوَد أن يكون معهم وحدهم بل ومع المؤمنين الذين يأتون بعدهم، لأن الرسل لا يعيشون حتى انقضاء الدهر، لكنّه يكلِّم كل الذين سيؤمنون به كمن هم جسد واحد. القدّيس يوحنا الذهبي الفم
v حُمل جسده إلى السماء، لكنّه لا يسحب عظمته عن العالم. لا يستطيع ملاك ولا رئيس ملائكة أن يغفر الخطيّة، إنّما الرب نفسه هو وحده القادر أن يقول "أنا معكم"، إن أخطأ أحد لا يغفر له إلا إذا تاب.
القدّيس أمبروسيوس

v
أنت معنا يا سيّدي كل الأيام، ليس لنا يوم بدونك، فبدون حضرتك بجوارنا لا نستطيع أن نعيش. أنت معنا خاصة في سرّ جسدك ودمك. الأب يوحنا من كرونستادت
ملحوظة هامة
يمكن الرجوع للكثير من أقوال الآباء بخصوص دخول السيِّد المسيح أورشليم حتى قيامته في كتابنا "الحب الإلهي" منعًا للتكرار.
1 و بعد السبت عند فجر اول الاسبوع جاءت مريم المجدلية و مريم الاخرى لتنظرا القبر
2 و اذا زلزلة عظيمة حدثت لان ملاك الرب نزل من السماء و جاء و دحرج الحجر عن الباب و جلس عليه
3 و كان منظره كالبرق و لباسه ابيض كالثلج
4 فمن خوفه ارتعد الحراس و صاروا كاموات
5 فاجاب الملاك و قال للمراتين لا تخافا انتما فاني اعلم انكما تطلبان يسوع المصلوب
6 ليس هو ههنا لانه قام كما قال هلما انظرا الموضع الذي كان الرب مضطجعا فيه
7 و اذهبا سريعا قولا لتلاميذه انه قد قام من الاموات ها هو يسبقكم الى الجليل هناك ترونه ها انا قد قلت لكما
8 فخرجتا سريعا من القبر بخوف و فرح عظيم راكضتين لتخبرا تلاميذه
9 و فيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه اذا يسوع لاقاهما و قال سلام لكما فتقدمتا و امسكتا بقدميه و سجدتا له
10 فقال لهما يسوع لا تخافا اذهبا قولا لاخوتي ان يذهبوا الى الجليل و هناك يرونني
11 و فيما هما ذاهبتان اذا قوم من الحراس جاءوا الى المدينة و اخبروا رؤساء الكهنة بكل ما كان
12 فاجتمعوا مع الشيوخ و تشاوروا و اعطوا العسكر فضة كثيرة
13 قائلين قولوا ان تلاميذه اتوا ليلا و سرقوه و نحن نيام
14 و اذا سمع ذلك عند الوالي فنحن نستعطفه و نجعلكم مطمئنين
15 فاخذوا الفضة و فعلوا كما علموهم فشاع هذا القول عند اليهود الى هذا اليوم
16 و اما الاحد عشر تلميذا فانطلقوا الى الجليل الى الجبل حيث امرهم يسوع
17 و لما راوه سجدوا له و لكن بعضهم شكوا
18 فتقدم يسوع و كلمهم قائلا دفع الي كل سلطان في السماء و على الارض
19 فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس
20 و علموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به و ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر
امين
اذكرونى فى
صلواتكم
منقووووووووووول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير الإنجيل بحسب القديس متّى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 5 من اصل 5انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشهيد العظيم مارجرجس :: المنتديات الكتابية :: الكتاب المقدس-
انتقل الى: