عرفنا في الفصل السابق أن مبدع الكون هو بنفسه الذي أوحى بالكتاب، وعليه فإننا نتوقع أنه إذا كان للأرقام دلالات محددة في الخليقة: في الطبيعة، وفي الكيمياء، وفى علم الأحياء، وفي الحياة الطبيعية، فإننا نتوقع أن يكون لها أيضاً دلالات محـددة في الكتاب المقدس*، بل أن يكون لها ذات الدلالات. ترى هل هذه الأمور هكذا؟
سنرى في هذا الفصل جانبـاً من الإعجاز الرقمي في الكتاب المقدس. وسنرى ما سبق أن اكتشفه داود في الخليقة أن « الله طريقه كامل » (مز18: 30)، وفي الكتاب أن « ناموس الرب كامل » (مز19: 7).
(فالرقم 1) مدلوله الأولوية والرئاسة وكذلك الوحدة
ولهذا يرتبط الرقم (1) في الكتـاب المقدس بالله الواحد (تث6: 4، يع 2 : 19)، وبالمسيح الرأس (إش 44: 6، رؤ1: 17، 2: 8، 22: 13)، وبالكنيسـة باعتبـار وحـدة أفرادها (أف4: 3 - 6، يو10: 16، 17: 10، 21-23). وهكذا
(والرقم 2) ومدلوله الشركة والاتحاد والاقتران. كما أنه رقم الشهادة الكافية
انظر مت19: 5، جا4: 9، 2كو13: 1.
لذلك نجد الكتاب المقدس يتكون من عهدين: العهد القديم والعهد الجديد. كما أن الوصايا العشر كانت مكتوبة علي لوحين (خر31: 18). وكان في قدس الأقداس كروبان (خر25: 18،1 مل6: 23). وفي هيكل سليمان عمودان (1مل7: 15). وهو الرقم الذي يمثل الحد الأدنى للاجتماع باسم الرب (مت18: 19، 20) وللشهادة له (مر6: 7، أع1: 10، رؤ11: 3، يو8: 17، 18). والله كرر الحلم على فرعون مرتين لتأكيده (تك41: 32).
(و الرقم 3) هو رقم التحديد
فللتعبير عن الأجسام يلزم علي الأقل 3 أبعاد، ولتحديد المكان يلزم علي الأقل 3 محاور، والمثلث هو أبسط الأشكال الهندسية. وللمادة 3 أحوال (صلبة أو سائلة أو غازية). والذرّة تتكون من إلكترونات وبروتونات ونيوترونات. والكائنات الحية (حيوانات أو أسماك أو نباتات) تتكون بصفة عامة من 3 أجزاء.
ويعلمنا الكتاب المقدس أن الإنسان كائن ثلاثي (جسد ونفس وروح - 1تس5: 23).
وأن لله أقانيم ثلاثة (الآب والابن والروح القدس - مت 28: 19).
وكان لخيمة الاجتماع في العهد القديم أقسام ثلاثة (الدار الخارجية - والقدس - وقدس الأقداس). والمعـادن المستخدمة فى صنع أدواتها ثلاثة (الذهب والفضة والنحاس). وثلاث مـرات كان يصعد جميع الذكور إلى أورشليم فى السنة. والسمـاوات عددهـا ثلاث (2كو 12: 2). وتتكرر عبارة « أبا الآب » في العهد الجديد 3 مرات (مر14: 36، رو8: 15، غل4: 6)...
وهو أيضاً رقم القيامة من الأموات (2مل20: 5، هو6: 2، يون1: 17، مت16: 21، 1كو15: 4 .... الخ).
(والرقم4) هو رقم الأرض
فالأرض لها أطراف أربعة: الشمال والجنوب والشرق والغرب (إش 11: 12، رؤ7: 1 مع إر49: 36، زك6: 5)، كما أن هناك فصولاً أربعة في السنة، وبالتالي فهو رقم العمومية.
لذلك نقرأ في الكتاب أن المذبح كان مربعاً، وكان له أربعة قرون (خر27: 1،2، 30: 2، رؤ9: 13)، وتُقـدَم عليـه أربعة أنواع من الذبائح (لا1- 5). ثم هنـاك أربع إمبراطوريـات تعاقبت السيادة علي الأرض في الفترة المسماة بأزمنة الأمم (دا2، 7)… وهناك أيضاً 4 أناجيل.
(والرقم 5) هو رقم المسئولية ورقم النعمة:
فهو عدد حواس الإنسان، وكذا عدد الأصابع فى كل من أطرافه.
ونظراً لأن هذا الرقم حاصل جمع 4 +1 فهو يحدثنا عن الخالق مع الخليقة، أو بالحري هو رقم عمانوئيل "الله معنا".
لهذا يتكرر هذا الرقم أكثر من غيره في خيمة الاجتماع. فمثلاً كان ارتفاع ألواح الدار الخارجية في الخيمة 5 أذرع (خر27: 18)، وكذلك طول مذبح المحرقة (خر27: 1)، وهو عدد الأعمدة علي مدخل القدس (خر 26: 37). وكان هو عدد شواقل فضة الفداء (عد3: 47). كما أنه عدد الحجارة المُلْس التي أخذها داود في حربه مع جليات (1صم17: 40).
وفي العهد الجديد نقرأ عن خمس عذارى حكيمات وخمس جاهلات (مت25)، وعن خمسة أرغفة شعير (يو6: 13). وهكذا. كما أن عدد جروح المسيح كانت خمسة؛ في يديه ورجليه وجنبه!
(والرقم 6) هو رقم الإنسان والعمل
فلقد خُلق الإنسـان في اليوم السادس (تك1: 26)، كما أن أيام العمل في الأسبوع ستة (انظر خر20: 9)، ومثلها سنوات عبودية العبد العبراني (خر21: 2). وبالمثل أوصى الرب شعبه أن يزرعوا أرضهم ست سنين ويريحوها في السنة السابعة (لا25: 3،4).
ولأن الإنسان شرير وكذلك كل عمله (رو3: 12)، لذلك ارتبط هذا الرقم في الكتاب المقـدس بالشر؛ فالشعوب الذين طردهم الرب بسبب شرهم من أرض كنعان ستة (تث20: 17)، وجليات الفلسطيني كان طوله 6 أذرع وشبر، وأسنان رمحه ست مئة شاقل حديد (1صم17)، وابن رافا عدو داود كان له ست أصابع في كل من أطرافه (2صم21: 20)، ومدة حكم عثليا الملكة الشريرة ست سنين (2مل11: 3)، وتمثال نبوخذنصر كان طوله 60 ذراعاً وعرضه 6 أذرع (دا3: 1). ونقرأ في العهد الجديد عن ستة أجران فارغة في يوحنا 2: 6، وستة رجال في حياة المرأة السامرية (يو4: 18)، والغني في لوقا 16 كان له خمسة إخوة غيره، وهم جميعاً غير مبالين بالله أو بالأبدية.
والمسيح له المجـد صُلب يوم الجمعة؛ اليوم السادس من الأسبوع، وقضي فوق الصليب 6 ساعات. والظلمة بدأت هناك الساعة السادسة!!
ورقم الوحش الذي سيظهر في فترة الضيقة العظيمة هو 666 (رؤيا13: 18). وهو بالأسف نفس عدد وزنات الذهب التي جاءت لسليمان في سنة واحدة (1مل10: 14 قارن مع تث17: 17).
(والرقم 7) هو رقم الكمال
فهو عدد أيام الأسبوع، وألوان الطيف، والسلم الموسيقى . كما أن الفتحات التى فى رأس الإنسان عددها سبع.
ولقد سبق لنا في الفصل السابق أن تأملنا في مدلول هذا الرقم.
(والرقم 8) هو رقم الجديد.
فهو رقم أول يوم في الأسبوع الجديد، وبداية السلم الأعلى في الموسيقى، ولهذا اعتبر أنه يعبر عن ما هو جديد.
فنجد أن ثمانية أشخاص نجوا بالفلك ودخلوا إلى الأرض الجديدة (1بط3: 20)، ويُذكَـر نوح في العهد الجديد ثمانى مرات. كما نجد أن الختان كان يحدث في اليوم الثامن (تك17: 12)، وتطهير الأبرص كان يتم فى اليوم الثامن (لا14: 10)، والباكورة كانت تُقدَم في غد السبت أي في اليوم الثامن، وكذلك أيضاً عيد الخمسين (لا23: 11، 16).
ثم إن قيامة المسيح حدثت يوم الأحد أي في اليوم الثامن، وكذلك أيضاً حلول الروح القدس.
ورفقة عروس اسحق كانت بنت بتوئيل الثامن بين إخوته (تك22: 20-23). وكذلك أيضاً كان ترتيب داود بين إخوته الثامن (1صم17: 12،14).
ويسجل الكتاب المقدس 8 أشخاص أقيموا من الأموات! ابن أرملة صرفة (1مل17)، وابن الشونمية (2مل4)، والذي مس عظام أليشع (2مل13)، وابنة يايرس (مر5) وابن أرملة نايين (لو7) ، ولعازر (يو11)، وطابيثا (أع9)، وأفتيخوس (أع20).
وكتبة العهد الجديد عددهم ثمانية!
ومن الجميل أن نعرف أن الاسم الكامل « الرب يسوع المسيح » مذكور فى العهد الجديد 88 مرة، وكذلك أيضاً « ابن الإنسان » مذكور88 مرة.
ثم أن القيمة العددية لاسم « يسوع » باليوناني هو 888. ولاسم « المسيح » وباليوناني "كريسـتوس" 1480 (8×185)، ولاسم « الرب » وباليوناني « كريوس » 800 (8×100) ولاسم « المخلص» وباليوناني "سوتر" 1408 (8× 176) ولاسم « يسوع المسيح » هو 2368 = 37×8×8.
وهناك 8 تركيبات مختلفة لأسماء المسيح الثلاثة الرئيسية وردَت في الكتاب كالآتي:
الرب – يسوع - المسيح - الرب يسوع - الرب المسيح - يسوع المسيح - المسيح يسوع - الرب يسوع المسيح
(والرقم 9) هو رقم الإعلان الواضح.
إنه 3×3 (كمال الإعلان) . ولهذا تحمل المرأة طفلها تسعة أشهر فى بطنها، وبعد ذلك يخرج إلى النور مكتمل النمو.
وفي الكتاب المقدس نجد أن ثمر الروح المذكور فى غلاطية 5: 22 يتكون من تسع فضائل مباركة. ومواهب الروح فى 1 كورنثوس12: 8-11 عددها 9 . والرب بدأ موعظته علي الجبل (مت5-7) بتسعة تطويبات.
كما نقـرأ أن الرب يسوع فوق الصليب نطق بالقول « قد أُكمل» الساعة التاسعة (مر15: 34)، وهو نفس وقت التقدمة المسائية (عز9: 5، لو1: 10).
ونلاحظ أن القيمة العددية لكلمة « آمين » في اليوناني =99، وأن الرب نطق بكلمة « الحق » في الأناجيل الأربعة 99 مرة!!
(والرقم 10) هو رقم المسئولية.
إنه 5×2 أي المسئولية الكاملة. ولاحظ أنه عدد أصابع كلتا اليدين، لذلك كانت وصايا الله للشعب عشراً (خر34: 27، 28، تث4: 13).
ولأن الإنسان فاشـل في المسئولية، لذلك نقرأ أن الشعب جرب الرب فى البرية عشر مرات (عد14: 22،23)، كما أن فرعون كمسئول أمام الله يذكر الكتاب عنه أنه قسّى قلبه عشر مرات، وأتت عليه عشر ضربات.
ويرتبط بهذا أن عدد الشقق الجميلة في خيمة الاجتماع عشر (خر26: 1)، فشخص المسيح هو الذي غطى المسئولية التي كانت علينا. وفي العاشر من الشهر الأول دخل الشعب إلى أرض الموعد، وهو نفس يوم إحضار خروف الفصح قبل أربعين سنة (خر12: 3، يش4: 19). ويتكرر هذا الرقم في هيكل سليمان بصورة بارزة. ويشبّة ملكوت السماوات بعشر عذارى (مت25).
(والرقم 11) هو رقم الفرح