غاية الحديث مع غايس ليس إدانة ديوتريفس، ولا التشهير به، إنما لكي لا يتمثل به غايس، إذ يقول الرسول:
"أيها الحبيب لا تتمثل بالشر بل بالخير،
لأن من يصنع الخير هو من اللَّه،
ومن يصنع الشر فلم يبصر اللَّه" [11].
من يصنع الخير يعلن عن استحقاقه لبنوته للَّه "الخير الأعظم"، وأما من يصنع الشر سالكًا في طريق العجرفة وحب الذات، فيعلن عن انحراف قلبه ورفضه النور وانحنائه بإرادته للظلمة، فلا يقدر أن يبصر اللَّه، لأنه "أية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟" (2 كو6: 14-15).
فلا يطيق الشرير أن يسمع صوت اللَّه، أو يقبل فكره، أو يستطيع معاينته.
3. ديمتريوس الأمين
"ديمتريوس مشهود له من الجميع، ومن الحق نفسه،
ونحن أيضًا نشهد، وأنتم تعلمون أن شهادتنا هي صادقة" [12].
حوًل الرسول أنظار غايس إلى مثال طيب مشهود له من الجميع ومن اللَّه ومن الكنيسة، وهكذا يشجع غايس حتى لا ييأس بسبب سلوك ديوتريفس. وكما يقول القديس أغسطينوس: [أن العالم مثل شجرة مورقة من يراها من بعيد يظن كلها أوراق بغير ثمر. لكن من يقترب يجد خلف الأوراق ثمار حلوة. هكذا العالم مملوء بالأشرار ويختفي فيه قديسون كثيرون.]
ونلاحظ أن الرسول يوحنا يضع شهادة الجميع (أي من بينهم الوثنيون وغير المؤمنين)، قبل شهادة الحق وشهادة الكنيسة، وهذا هو جمال أولاد اللَّه أنه لا يستطيع حتى الأشرار أن ينكروا سموهم.
لهذا يشترط الرسول بولس في الأسقف "أن تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج" (1 تي 3: 7).
ويعلق القديس يوحنا الذهبي الفم قائلاً: [إنه حتى الوثنيين يوقّرون الإنسان الذي بلا عيب... لذلك ليتنا نحن أيضًا نعيش هكذا حتى لا يقدر عدو أو غير مؤمن أن يتكلم عنا بشرٍ. لأن من كانت حياته صالحة يحترمه حتى هؤلاء إذ بالحق يغلق أفواه حتى الأعداء.]
ويقول القديس إيرونيموس [الأسقف المسيحي يلزم أن يكون هكذا: أن الذين يكابرونه معه في العقيدة لا يقدرون أن يكابرونه في حياته.]
4. السلام الختامي
"وكان لي كثير لأكتبه،
لكنني لست أريد أن أكتب إليك بحبر وقلم،
ولكن أرجو أن أراك عن قريب فنتكلم فمًا لفمٍ" [14].
رأينا في الرسالة السابقة كيف سلم الرسل أمورًا لا تُكتب على ورق ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم في مقدمته لعظاته على إنجيل متى بأن كلمة اللَّه لا تٌكتب، وإنما سجلها اللَّه بلغتنا من أجل ضعفنا لكي ننتفع، لكنها هي روح وحياة، نحيا بها ونتذوقها، ويراها الناس في حياتنا مكتوبة في قلوبنا.
"سلام لك.
يسلم عليك الأحباء.
سلم على الأحباء بأسمائهم".
إنه سلام السيد المسيح لتلاميذه بعد قيامته (لو 24: 36)... هكذا صار للكنيسة باسم المسيح أن تعطي سلام الرب نفسه.
وهنا يكرر الرسول تعبير "الأحباء" بدلاً من "الإخوة"، لكي يؤكد رباط الحب الذي يوحّد الكنيسة كلها في "الحق" ربنا يسوع.
1 الشيخ الى غايس الحبيب الذي انا احبه بالحق
2 ايها الحبيب في كل شيء اروم ان تكون ناجحا و صحيحا كما ان نفسك ناجحة
3 لاني فرحت جدا اذ حضر اخوة و شهدوا بالحق الذي فيك كما انك تسلك بالحق
4 ليس لي فرح اعظم من هذا ان اسمع عن اولادي انهم يسلكون بالحق
5 ايها الحبيب انت تفعل بالامانة كل ما تصنعه الى الاخوة و الى الغرباء
6 الذين شهدوا بمحبتك امام الكنيسة الذين تفعل حسنا اذا شيعتهم كما يحق لله
7 لانهم من اجل اسمه خرجوا و هم لا ياخذون شيئا من الامم
8 فنحن ينبغي لنا ان نقبل امثال هؤلاء لكي نكون عاملين معهم بالحق
9 كتبت الى الكنيسة و لكن ديوتريفس الذي يحب ان يكون الاول بينهم لا يقبلنا
10 من اجل ذلك اذا جئت فساذكره باعماله التي يعملها هاذرا علينا باقوال خبيثة و اذ هو غير مكتف بهذه لا يقبل الاخوة و يمنع ايضا الذين يريدون و يطردهم من الكنيسة
11 ايها الحبيب لا تتمثل بالشر بل بالخير لان من يصنع الخير هو من الله و من يصنع الشر فلم يبصر الله
12 ديمتريوس مشهود له من الجميع و من الحق نفسه و نحن ايضا نشهد و انتم تعلمون ان شهادتنا هي صادقة
13 و كان لي كثير لاكتبه لكنني لست اريد ان اكتب اليك بحبر و قلم
14 و لكنني ارجو ان اراك عن قريب فنتكلم فما لفم
15 سلام لك يسلم عليك الاحباء سلم على الاحباء باسمائهم
منقووووووووووووووووول