رأي القديس إيرونيموس (چيروم)
[أما المنطق الثاني لجوفنيانوس فهو أن الإنسان الذي اعتمد لا يقدر الشيطان أن يجربه (يسقطه). ولكي ما يهرب جوفيانوس مما يتهم به بأن قوله هذا سخيف، يضيف قائلاً: "ولكن متى جرب أحد فإنه بهذا يظهر أنه قد اعتمد بالماء وليس بالروح، وذلك كما في حالة سيمون الساحر. وفي هذا يقول يوحنا "كل من هو مولود من اللَّه لا يفعل خطية لأن زرعه يثبت فيه، ولا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من اللَّه. بهذا أولاد اللَّه ظاهرون وأولاد إبليس" [٩-١٠]. وفي النهاية يقول الرسول "كل من ولد من اللَّه لا يخطئ بل المولود من اللَّه يحفظ نفسه والشرير لا يمسه" (1يو 5: 18).]
هذا يمكن أن يكون صعبًا بحق ويعجز الإنسان عن حل المشكلة تمامًا لو لم يكمل الرسول قائلاً: "أيها الأولاد احفظوا أنفسكم من الأصنام" (١ يو 5: 21). فلو كان المولود من اللَّه لا يخطئ قط ولا يقدر الشيطان أن يجربه فكيف يأمرهم محذرًا إياهم من التجربة؟!
كذلك نقرأ في الرسالة: "إن قلنا أنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا. إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا، ويطهرنا من كل إثم. إن قلنا أننا لم نخطئ نجعله كاذبًا وكلمته ليست فينا" (١ يو 1: 8-10).
إنني افترض أن يوحنا قد اعتمد وكتب لأناس معمدين، وإني أتصور أن كل خطية هي من الشيطان، فإننا نجد يوحنا يعترف هنا بنفسه أنه خاطئ ويترجى الغفران بعد عماده.
ماذا أقول يا صديقي جوفيانوس؟! هل الرسول يناقض نفسه؟ حاشا! إنما يوضح الرسول سبب حديثه هذا بقوله: "يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا. إن أخطأ أحد فلنا شفيع... بهذا نعرف أننا قد عرفناه إن حفظنا وصاياه..." (١ يو 2: 1-6).
إن سبب حديثي لكم يا أولادي بأن المولود من اللَّه لا يخطئ، هو لكي لا تخطئوا، حتى تعرفوا أنه طالما أنتم تخطئون فأنتم غير ثابتين في الميلاد الذي يهبه اللَّه لكم.
نعم. إن الذين يثبتون في ذلك الميلاد لا يخطئون، لأنه "أية شركة للنور مع الظلمة؟! وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟!" (٢ كو 6: 14-15). وكما يتميز النهار عن الليل، هكذا البرّ عن الشر، والخطية عن الأعمال الصالحة، والمسيح عن ضد المسيح.
إن كنا نعطي المسيح مسكنًا في قلوبنا، فلنطرد الشيطان من هناك.
إن كنا نخطئ ويدخل الشيطان خلال باب الخطية، ينسحب المسيح للحال.
وهنا يقول داود "رد لي بهجة خلاصك" (مز 51: 12)، أي رد الفرح الذي فقدته بالخطية.
أيضًا "من قال قد عرفته ولا يحفظ وصاياه، فهو كاذب وليس الحق فيه" (١ يو 2: 4). والمسيح هو الذي يدعي بالحق (يو 14: 6)، فباطلاً نفتخر به ذاك الذي لا نحفظ وصاياه...
يلزمنا ألا نظنه أمرًا عظيمًا أن نعرف اللَّه الواحد، إن كان حتى الشياطين تؤمن وترتعب. "من قال أنه ثابت فيه ينبغي أنه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو أيضًا" (1 يو 2: 6).
فلخصمنا (جوفيانوس) أن يختار بين أمرين: هل هو ثابت في المسيح أم لا؟!
إن كان ثابتًا فيه فليسلك كما سلك المسيح. ولكن إن كان هناك استهتار بالتمثل بفضائل ربنا، يكون غير ثابتٍ في المسيح، لأنه لا يسلك كما سلك المسيح "الذي لم يفعل خطية ولا وُجد في فمه مكر الذي إذ شُتم لم يكن يشتم عوضًا" (١ بط 2: 22)... وإليه جاء رئيس هذا العالم ولم يجد فيه شيئًا...
أما بالنسبة لنا، فنتطلع إلى ما جاء في رسالة يعقوب "في أشياء كثيرة نعثر كلنا" (يع 3: 2)، لأنه ليس أحد طاهرًا من دنس ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض.
ولكي لا نسقط في اليأس المطبق فنظن أننا إن أخطأنا بعد المعمودية لا يمكننا أن نخلص، قال: "وإن أخطأ أحد فلنا شفيع (محام)... "
لقد وجه هذا القول للمؤمنين الذين نالوا العماد، وهو يعدهم بالرب كمحامٍ يدافع عنهم من جهة خطاياهم، وهو لا يقول: "فلكم شفيع" بل "فلنا شفيع" حتى لا يظن أحد أنه يقول هذا عمن عماده مفتقر إلى الإيمان الحقيقي...
باطلاً يكون لنا محام هو يسوع المسيح، لو أن الخطية مستحيلة بالنسبة لنا...
إننا نقول في الصلاة الربانية: "واغفر لنا ذنوبنا... ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير". فلو أننا نعد العماد لا نخطئ لما طلبنا الغفران عن خطايا غفرت فعلاً في المعمودية! لماذا نصلي لكي لا ندخل في تجربة وننجو من الشرير لو أن الشيطان لا يستطيع أن يجربنا؟!
بولس الإناء المختار يقمع جسده ويستعبده لئلا بعد ما كرز للآخرين هو نفسه يكون مرفوضًا (1 كو 9: 27).ويخبرنا أنة أُعطى شوكة في الجسد رسول الشيطان ليلطمه لئلا يرتفع (2 كو 12: 7). ويكتب إلى أهل كورنثوس "ولكنني أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح" (٢ كو 11: 3). وفي موضع أخر يقول "لئلا يطمع فينا الشيطان لأننا نجهل أفكاره"(2 كو 2: 11). وأيضًا "وإن من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط" (١ كو 10: 12)... ويحدث المتزوجين قائلاً: "ثم تجتمعوا أيضًا لكي لا يجربكم الشيطان بسبب عدم نزاهتكم" (١ كو 7: 5).
ويكتب إلى أهل أفسس: "فإن مصارعتنا ليس مع لحم ودم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات" (أف 6: 12)، فهل يظن أحد أننا في أمان ويلزمنا أن ننام بعد ما نعتمد؟!
ويقول في رسالته إلى العبرانيين: "لأن الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس. وذاقوا كلمة اللَّه الصالحة وقوات الدهر الآتي وسقطوا لا يمكن تجديدهم أيضًا للتوبة إذ هم يصلبون لأنفسهم إبن اللَّه ثانية ويشهرونه" (عب 6: 4-6). ونحن لا نقدر أن ننكر أن الذين استناروا هم معمدين... فلو أن المعمدين لا يخطئون فكيف يقول عنهم الرسول هنا "سقطوا"؟
إن فونتنيانوس ونوفاتيوسيبتسمان لهذا قائلين بأنه يستحيل التجديد (الذهني) مرة أخرى خلال التوبة بالنسبة للذين صلبوا ابن اللَّه وشهروا به...
ولكن يصحح هذا الخطأ (في الفهم) ما جاء بعد ذلك "ولكننا قد تيقنا من جهتكم أيها الأحباء أمورًا أفضل ومختصة بالخلاص، وإن كنا نتعلم هكذا. لأن اللَّه ليس بظالمٍ حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي أظهرتموها نحو اسمه، إذ قد خدمتم القديسين وتخدمونهم" (عب 6: 9-10). فلو أن اللَّه يعاقب على الخطية ولا يهتم بالأعمال الصالحة لنسبنا بهذا للَّه ظلمًا عظيمًا. لكن كأن الرسول يقول لهم إنني أتحدث معكم بهذا لكي أسحبكم من خطاياكم وأجعلكم أكثر حرصًا خشية اليأس. ولكنني أيها الأحباء إنني أتتبع أمورًا أفضل بالنسبة لكم، وأمورًا فيها خلاص. فإنه لا يليق مع بر اللَّه أن ينسى أعمالكم الصالحة إذ بالحقيقة خدمتم القديسين وتخدمونهم من أجل اسمه، فيتذكر خطاياكم وحدها.
وإذ يعلِّم يعقوب الرسول أن المعمدين يمكن أن يجربوا ويسقطوا في تجربة اختيارهم يقول: "طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة. لأنه إذا تزكى ينال إكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه" (يع 1: 12). ولئلا نظن أننا نجرب من اللَّه كما جاء عن إبراهيم في سفر التكوين، أضاف قائلاً: "لا يقل أحد إذا جرب أني أجرب من قبل اللَّه. لأن اللَّه غير مجرب بالشرور. وهو لا يجرب أحدًا. لكن كل واحد يجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية، والخطية إذ أكملت ننتج موتًا"
لقد خلقك اللَّه بإرادة حرة، فلا نلزم قسرًا تجاه الفضيلة أو الرذيلة، وإلاَ ما كان يوجد إكليل....]
الخلاصة:
نلخص من هذا أن الرسول يوحنا يوجه أنظارنا إلى المعمودية مذكرًا إيانا بالبنوة وإمكانيات السلوك على منوال ربنا المحب، لأنه لم يعد للخطية سلطان علينا كقول الرسول "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس، ويعتق أولئك الذين خوفًا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية" (عب 2: 14-15). وبهذا الحب نستطيع أن نحب ولا نقبل إلاَ الحب.
هكذا لم تعد بعد الخطية تسودنا (رو 6: 14) إذ صار للإنسان الجديد أن يدوس على الخطية وشوكتها، ويحيا بربنا يسوع المحب سالكًا في الروح.
هذه الإمكانية تكون لنا باختيارنا كأولاد اللَّه لا نخطئ مادمنا مرتبطون بربنا ثابتين فيه. وفي اللحظة التي نخطئ فيها نكون قد انحرفنا عن وضعنا الحقيقي كأبناء، ومع هذا فإن طريق الدموع مفتوح.
فالمحبة الحقيقية هي الخط الفاصل بين أولاد اللَّه السالكين كأبناء وبين أولاد إبليس السالكين على منوال أبيهم أي الكراهية والخطية. لهذا يقول الرسول:
"بهذا أولاد اللَّه ظاهرون وأولاد إبليس.
كل من لا يفعل البرّ وكذا من لا يحب أخاه" [10].
الحب هو سمة صليب ربنا يسوع المسيح، ننمو فيه مادمنا ثابتين في الرب، أما من لا يحب فينحرف تجاه طريق إبليس، رافضًا البنوة للَّه، مختارًا البنوة لإبليس. يقول القديس أغسطينوس: [إذن لندرب أنفسنا على محبة الإخوة... فإن أحببت أخاك ستعاين اللَّه، لأن بمحبتك لأخيك تعاين المحبة ذاتها التي فيها يسكن اللَّه.]
"لأن هذا هو الخبر الذي سمعتموه من البدء:
أن يحب بعضنا بعضًا. ليس كما كان قايين من الشرير وذبح أخاه.
ولماذا ذبحه؟ لأن أعماله شريرة وأعمال أخيه بارة" [11-12].
يقول القديس أغسطينوس: [لم يكن قايين يعرف المحبة. وما كانت قرابين هابيل تقبل، لو لم يكن يعرف المحبة. فكلاهما قدم القرابين، أحدهما قدم من ثمار الأرض والآخر من نتائج القطيع. أتظنوا يا إخوتي أن اللَّه يبغض ثمار الأرض ويحب نتاج القطيع؟! حاشا! فإن اللَّه لا ينظر إلى الأيدي وما تحملها بل إلى القلب. فمن قدم التقدمة من قلب محب قبله الرب، أما من قدم التقدمة بقلب حاسد، فقد أدار ربنا عنه وجهه. فالرسول يقصد بأعمال هابيل الصالحة "المحبة"، كما يعني بأعمال قايين الشريرة كراهيته لأخيه. الذي لم يكتفِ عند الكراهية والحسد بل قام وقتله بدلاً من أن يتمثل به. وهكذا ظهر قايين كابن لإبليس، وهابيل كابن للَّه.]
هكذا أولاد اللَّه يحبون وأولاد إبليس لا يقدرون أن يحبوا لهذا "لا تتعجبوا يا إخوتي إن كان العالم يبغضكم" [13].
لأن الذين تعلقوا بالعالم أي الأشرار ليس لهم روح الحب الحقيقي ولا يطيقوا اللَّه ولا أولاده.
"نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة،
لأننا نحب الإخوة" [14].
أما نحن فإذ صرنا ثابتين في مصدر في مصدر حياتنا ربنا يسوع فنحب اخوتنا به وعلى مثاله، فإننا بهذا نكون قد تمتعنا بالحياة وانتقلنا من حالة الموت التي هي الدفن في الخطية والتراخي فيها والاستسلام لها.
لكن "كل من يبغض أخاه، فهو قاتل نفس" [15].
وكما يقول القديس چيروم: [لأن القتل ينبع من البغضة، لذلك فالذي يبغض ولو لم يقتل فريسته، يحسب قلبه قاتلاً، وهكذا لا ينتقل القلب إلى الحياة بل يبقى في الموت.]
فإن كان هذا هو عمل الحب وهذه هي نهاية البغضة، فمن أين لنا أن نعمل الحب؟
"بهذا عرفنا المحبة، أن ذاك وضع نفسه لأجلنا
فنحن ينبغي أن نضع نفوسنا لأجل إخوتنا" [16].
أحب السيد العبيد حتى الموت حتى يقتفي العبيد آثار خطواته، فيحبون زملاءهم العبيد مثله. وكما يقول الرب: "هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم. ليس حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو 15: 12-13).
وإذ أراد الرسول أن يدربنا على الحب العملي طلب منا أن نبدأ بالعطاء قائلاً:
"وأما من كان له معيشة العالم، ونظر أخاه محتاجًا،
وأغلق أحشاءه عنه، فكيف تثبت محبة اللَّه فيه؟" [17]
إذ نتذوق الحب خلال العطاء المادي نستعذبه، وندرك حلاوته الداخلية، فنستطيع بالرب يسوع أن نحب إخوتنا ونحب اللَّه حتى الموت. فالرب لا يطلب الصدقة لأجل إشباع الفقراء إنما لنقدم له تقدمة الحب الشهي، فيتقبلها وكما يقول الرسول عن العطاء: "ليس لأني أطلب العطية بل أطلب الثمر المتكاثر لحسابكم" (في 4: 17).
والسبب الثاني ما يقوله القديس يوحنا ذهبي الفم: [إنها تعلمك كيف تصير شبيهًا باللَّه. وهذه رأس كل الخيرات.]
والسبب الثالث هو أن فيها مشاركة أعضاء جسد المسيح المتألم لبعضه البعض.
"يا أولادي لا نحب بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق.
"بهذا نعرف أننا من الحق، وتسكن قلوبنا قدامه" [18-19].
إن أحببنا إخوتنا عمليًا وبالحق، أي في المسيح يسوع، وليس بقصد المجد الباطل، فإننا بهذا نعرف أننا ثابتون في ربنا يسوع "الحق"، وتطمئن قلوبنا قدام اللَّه فاحص القلوب.
أي في حبنا لإخوتنا لا نطلب مديح الناس ولا شهادتهم، لأنهم لا يعرفون دوافعنا الداخلية، بل شهادة اللَّه لأن "فخرنا هو هذا شهاداة ضميرنا" (٢ كو 1: 12)، أي مجدنا الداخلي السري الذي لا يتعرف عليه إلاَ اللَّه والنفس.
"لأنه إن لامتنا قلوبنا"، أي إن أعلنت لنا حياتنا الداخلية أن دوافعنا غير سليمة "فاللَّه أعظم من قلوبنا ويعلم كل شيء" [20]، أي لنرتمي على اللَّه، معترفين له بضعفنا رغم مديح الناس لنا. وهو أعظم من قلوبنا، قادر على إصلاح دوافعنا.
"أيها الأحباء إن لم تلمنا قلوبنا، فلنا ثقة من نحو اللَّه" [21]، بمعنى إن شهدت قلوبنا لنا أننا نحب حبًا حقيقيًا، فلنا ثقة ليس في جهة الناس، بل من نحو اللَّه.
د. ثقتنا في اللَّه أبينا
"مهما سألنا ننال منه، لأننا نحفظ وصاياه،
ونعمل الأعمال المرضية أمامه" [22].
إذ نحب نحفظ وصاياه، ويسر هو بنا، فلا يجعلنا معتازين شيئًا، بل يأتمنا على كل شيء، إذ نحن أمناء في حبنا لإخوتنا.
وما هي الأمور التي نعملها فترضيه؟
1. أن نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح، أي نقبله فاديًا ومخلصًا ممسوحًا لأجل التكفير عن خطايانا، "وهذه وصيته أن نؤمن باسم يسوع المسيح".
2. بحب إخوتنا، فنتمتع بحب اللَّه لنا "ونحب بعضنا بعضًا كما أعطانا وصية".
3. بتنفيذنا الوصية، أي نؤمن باسم ابنه ونحب الإخوة، بهذا نثبت فيه وهو فينا إذ يقول الرسول: "من يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو فيه. وبهذا نعرف أنه يثبت فينا من الروح الذي أعطانا" [24].
ثبوتنا في اللَّه ليس كلامًا أو مجرد تخيلات لكن يتطلب حفظنا وصاياه التي تدور حول الحب. ومن يقدر أن يحب إلاَ بالروح القدس الذي أعطانا؟ وكما يقول القديس أغسطينوس: [بهذا الروح القدس تتطهر النفس وتقتات. هذا هو روح اللَّه الذي لا يمكن أن يكون للَّهراطقة والمنشقين عن الكنيسة بالنسبة للذين لم ينفصلوا عنها علانية لكنهم انفصلوا بعصيانهم لها، هؤلاء صاروا قشًا لا قمحًا رغم وجودهم فيها.]
1 انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله من اجل هذا لا يعرفنا العالم لانه لا يعرفه
2 ايها الاحباء الان نحن اولاد الله و لم يظهر بعد ماذا سنكون و لكن نعلم انه اذا اظهر نكون مثله لاننا سنراه كما هو
3 و كل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر
4 كل من يفعل الخطية يفعل التعدي ايضا و الخطية هي التعدي
5 و تعلمون ان ذاك اظهر لكي يرفع خطايانا و ليس فيه خطية
6 كل من يثبت فيه لا يخطئ كل من يخطئ لم يبصره و لا عرفه
7 ايها الاولاد لا يضلكم احد من يفعل البر فهو بار كما ان ذاك بار
8 من يفعل الخطية فهو من ابليس لان ابليس من البدء يخطئ لاجل هذا اظهر ابن الله لكي ينقض اعمال ابليس
9 كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية لان زرعه يثبت فيه و لا يستطيع ان يخطئ لانه مولود من الله
10 بهذا اولاد الله ظاهرون و اولاد ابليس كل من لا يفعل البر فليس من الله و كذا من لا يحب اخاه
11 لان هذا هو الخبر الذي سمعتموه من البدء ان يحب بعضنا بعضا
12 ليس كما كان قايين من الشرير و ذبح اخاه و لماذا ذبحه لان اعماله كانت شريرة و اعمال اخيه بارة
13 لا تتعجبوا يا اخوتي ان كان العالم يبغضكم
14 نحن نعلم اننا قد انتقلنا من الموت الى الحياة لاننا نحب الاخوة من لا يحب اخاه يبق في الموت
15 كل من يبغض اخاه فهو قاتل نفس و انتم تعلمون ان كل قاتل نفس ليس له حياة ابدية ثابتة فيه
16 بهذا قد عرفنا المحبة ان ذاك وضع نفسه لاجلنا فنحن ينبغي لنا ان نضع نفوسنا لاجل الاخوة
17 و اما من كان له معيشة العالم و نظر اخاه محتاجا و اغلق احشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه
18 يا اولادي لا نحب بالكلام و لا باللسان بل بالعمل و الحق
19 و بهذا نعرف اننا من الحق و نسكن قلوبنا قدامه
20 لانه ان لامتنا قلوبنا فالله اعظم من قلوبنا و يعلم كل شيء
21 ايها الاحباء ان لم تلمنا قلوبنا فلنا ثقة من نحو الله
22 و مهما سالنا ننال منه لاننا نحفظ وصاياه و نعمل الاعمال المرضية امامه
23 و هذه هي وصيته ان نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح و نحب بعضنا بعضا كما اعطانا وصية
يتابع